دولي

المخزن يقمع الشباب بأحكام قضائية قاسية واعتقالات تعكس انهيار العدالة

واصل المخزن حملته القمعية ضد الحركة الشبابية، عبر أحكام قضائية قاسية واعتقالات عشوائية تطال كل من يجرؤ على المطالبة بالحرية والكرامة، فبدل الحوار والاستماع لصوت الشارع، اختار النظام لغة الترهيب والمحاكمات الصورية، ليؤكد مرة أخرى أن العدالة في المغرب لم تعد سوى واجهة لتبرير القمع وتحصين الاستبداد.

هذا الواقع المظلم كشفته الأرقام الصادمة التي وردت في تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، والتي توضح حجم القمع الممنهج الذي يطال الشباب في مختلف المدن المغربية، حيث صدر ما لا يقل عن 240 حكما بالسجن النافذ في حق معتقلين على خلفية احتجاجات الحركة الشبابية، بينهم قاصرون، بأحكام وصلت إلى 15 سنة، في مشهد يعكس عمق التدهور الحقوقي الذي يعيشه البلد.

وأكدت المعطيات الواردة في التقرير أن المحاكمات افتقدت لأدنى شروط العدالة، وأن الاعتقالات تمت بطريقة عشوائية طالت حتى من لا علاقة لهم بالاحتجاجات.

ففي مدينة أكادير وحدها، أصدرت الغرفة الجنائية الابتدائية أحكاما قاسية : 15 سنة ضد أربعة أشخاص و12 سنة ضد آخر و10 سنوات ضد 31 معتقلا آخرين، فيما صدرت أحكام تتراوح بين 5 و6 سنوات ضد آخرين من مناطق القليعة وتزنيت وتارودانت، وهي أرقام صادمة تكشف سياسة ممنهجة لإسكات الشباب وإرهاب المجتمع.

ولا يقف القمع عند حدود الشارع أوالقاعات القضائية، بل امتد إلى الفضاء الرقمي، حيث حكم على طالب بخمس سنوات سجنا لمجرد تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، في تجسيد واضح لتحكم الأجهزة الأمنية في الكلمة والرأي وتحويل كل منشور إلى تهمة جاهزة بالتحريض أو المساس بـ”النظام العام”.

وفقا للمتتبعين، فإن ما يحدث اليوم يعيد إنتاج المأساة ذاتها في كل محطة احتجاجية، من الريف إلى جرادة ومن الحسيمة إلى مدن أخرى، أكثر من 2100 شاب وشابة وقاصر تم توقيفهم، وحوالي 1400 منهم يتابعون قضائيا، بينهم 330 قاصرا، ما يعكس حجم الهجوم على جيل بأكمله تجرأ على رفع صوته ضد التهميش والبطالة وغلاء المعيشة.

ومع ذلك، يصر المخزن على وصف كل من يحتج بـ”المخرب” أو “العميل”، في محاولة يائسة لتشويه الوعي الشعبي وإخماد جذوة الغضب.

ونبهت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب إلى أن هذه الأرقام مؤقتة، بالنظر لصعوبة جرد وحصر كل الاعتقالات، خاصة وأن الاستدعاءات والتوقيفات لا تزال مستمرة، إما بناء على المقاطع المصورة أو على التدوينات ذات الصلة والتي يتم اعتبارها “تحريضا”، وبالنظر لتنوع الملفات بين الجنائي والجنحي والقاصرين والراشدين والاعتقال والسراح والأعداد الهائلة للمتابعات.

وفي خضم هذا القمع الممنهج، قالت “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان”، أن التفاعل مع المطالب الشعبية والشبابية ناقضته ممارسات مقلقة وموغلة في الترهيب، تتجلى في سرعة إصدار أحكام قضائية قاسية في حق عدد من الموقوفين، دون تمكينهم من كافة ضمانات المحاكمة العادلة.

واستنكرت العصبة في بيان لها التوقيفات والاعتقالات العشوائية التي مست بحقوق مضمونة دستوريا وقانونيا، مؤكدة أن الحق في التظاهر السلمي مكفول بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.

من جهته، طالب حزب النهج الديمقراطي العمالي بالإطلاق الفوري لسراح جميع المعتقلين السياسيين وفتح تحقيق نزيه في وفاة ثلاثة شبان بالقليعة، إضافة إلى حادثة دهس شابين بوجدة بسيارة أمنية، وهي جرائم تعكس الإفلات التام من العقاب الذي تتمتع به الأجهزة الأمنية.

وأكد الحزب في بيان له أنه بدلا من محاسبة المسؤولين، يختار المخزن سياسة التبرير والتضليل الإعلامي، لتغليف القمع بعبارات جوفاء عن “الأمن والاستقرار”.

وفي الوقت الذي يرفع فيه الشباب شعارات بسيطة ومشروعة – يضيف البيان – تطالب بالتعليم المجاني والصحة العمومية ومحاربة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة، يرد النظام بالقمع والاعتقالات وكأن المطالبة بحقوق المواطنة أصبحت جريمة، مشيرا إلى أن “مشاهد القمع والاختطاف وملاحقة النشطاء تكشف أن المغرب يعيش واقعا مقيتا، حيث تكمم الأفواه وتصادر الحريات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى