دعْ ذكرهنَّ فما لهن وفاءُ
ابرقت الصبية رسالة رقيقة للبناء ، قالت فيها ” ايها المفتول العاشق ، تمنيت لو كنت اقرب اليك مني ، ولكن كان دوما يخاطرني سؤال : لما تلبس الجينز بدون جيوب ، اتخاف ثقل النقود على سروالك الخدمي المملوء بالتربة وطين العمل، اما انك عاشق وفقط والبياض تشبعه دراهم الورق الكثيرة ، ارجو ان تكون فهمتني ، قد اكون مغرمة بك ولكن ..باب البيت مقفل ، حتى اني اقفز خارجا كل صباح من النافذة ، او هكذا يريد من يرمقني بالأعجاب ويدعوني مع الغداء والعشاء على المائدة ، وانا اجد راحتي معهم وهذه الاحوال السائدة ” لم يفهم البناء شيئا مما قلت …
وبينما كان عائدا ذات مساء لمح سيارة فارهة تخترق الطريق ثم تتوقف فاذا بفتاه تنزل ضاحكة مقبلة متبرجة في كامل زينتها ، حاول الاقتراب فصدته ” من انت “؟
فانشد يقول امام الناس :
أَشُهَّدٌ أَنَّ لَا اِمْرَأَةُ أَتْقَنَتِ اللُّعْبَةُ إِلَّا أَنْتِ
وَاِحْتَمَلَتْ حَمَاقَتُي عُشُرَةَ ” أشهر ” كَمَا اِحْتَمَلَتْ
وَ” واستعمرتْ قلبي كما استعمرت “
وَقَلَمَتْ أَظَافِرِيُّ
وَرَتَّبَتْ دَفَاتِرِيُّ
وَأَدْخَلَتْنِي رَوْضَةُ ” الإهمال ” إِلَّا أَنْتِ.
فقلت : الان فهمت لما قلت لي الحب يعرف ازمة نقل هاهاها ، وصديقك البناء لم تكن له سيارة صح ؟
وقال : نعم واضحى البناء حزينا شاحب الوجه ، يتوافد الرقاة على بيته ، حتى اضحى كالمجنون يجوب الشوارع لسنة وبضعة أشهر وكلما لمح امرأة تمر أنشد قائلا :
دعْ ذكرهنَّ فما لهن وفاءُ ريحُ الصِّبا وعهودُهن سواءُ
يَكْسِرنَ قلبكَ ثم لا يجبرنهُ وقلوبُهن مع الوفاءِ خَلاءُ
حتى ذات ظهيرة ، وبينما كان ملقيا بجثته اسفل الشارع ، لدغته عقرب ، وهناك من يقول ثعبان ، فسقط مغشيا عليه ، وبقى في المستشفى لفترة ، كانت سببا لعودة عقله الهائم في حب حبيبته السابقة ، بعد أن أعجب بممرضة تشبهها .
د/ ساعد ساعد