الجزائر

الرئيس تبون يؤكد أن جرائم الاستعمار الفرنسي لن يطالها النسيان ولن تسقط بالتقادم

أكد رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, هذا  الجمعة, أن الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري “لن يطالها النسيان ولن تسقط بالتقادم” وأنه “لا مناص من المعالجة المسؤولة والمنصفة والنزيهة لملف الذاكرة”.

وقال رئيس الجمهورية في -رسالة بمناسبة  الذكرى الـ60 لعيد النصر (19 مارس) التي ستحتضن فعاليتها الرسمية ولاية غليزان تحت شعار “إصرار وانتصار-“لقد أشرقت في سماء الجزائر المجاهدة في ذلك اليوم تباشير النصر..

واستمد منها الشعب الجزائري القوة والعزيمة, لمجابهة آثار دمار واسع مهول..

وخراب شامل فظيع, يشهد على جرائم الاستعمارِ البشعة، التي لن يطالها النسيان, ولن تسقط بالتقادم, اذ لا مناص من المعالجة المسؤولة المنصفة والنزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أجواء المصارحة والثقة”.

وجدد التأكيد أن هذه المسالة “ستظل في صلب اهتماماتنا..وسنواصل بدون هوادة, وبلا تفريط, استكمال مساعينا بالإصرار على حق بلادنا في استرجاع الارشيف واستجلاء مصير المفقودين أثناء حرب التحرير المجيدة, وتعويض ضحايا التجارب النووية وغيرها من القضايا المتعلقة بهذا الملف ..صونا للأمانة, وحفظا لوديعة الشهداء الأبرار”.

وأكد رئيس الجمهورية أن عيد النصر هو” لحظة تاريخية في مسيرة الامة المظفرة وما كانت لتكون بذلك الصدى المدوي العظيم الممتد إلى أصقاع الدنيا, لو لم تكن تتويجا ساطعا لثورة ملحمية مجيدة ومحصلة حتمية لتضحيات سخية مريرة, توالت منذ أن وطأت أقدام المستعمر أديم وطننا المفدى, عبر مقاومات شعبية بطولية ترسخت في سجلات الذاكرة والتاريخ لتستلهم منها الاجيال – اليوم وغدا- الوفاء للشهداء وتبعث في نفوس شبابنا الهمة والنخوة وإرادة البناء والنماء”.

وفيما يلي النص الكامل للرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

أيتها المواطنات .. أيها المواطنون،

نحتفل غدًا بمرور ستين سنة على يوم وطنيٍّ تاريخيٍّ، خَلّدتْه تضحياتُ الشعب الجزائري وقوافل الشهداء الأبرار رمزًا للنَّصرِ، وللخَلاصِ مِن هيمنةِ الاستعمارِ البغيض .. فَلقدْ كان إعلانُ وقفِ إطلاقِ النار، بعد مفاوضاتِ إيفيان، نَصْرًا وإيذانًا بدَحْر ظُلْمِ وظَلاَمِ المُعتدين على أَرْضِنا الطاهرة، الذين رَاوَدَهم وَهْمُ مَسْخِ هُويتِنا، وطَمْسِ حضارتِنا وثقافتِنا وتُراثِنا، فَخَابُوا أمامَ إرادةِ شعبٍ حُرٍّ ومُصمِّمٍ على البقاء حرًا أصيلا ..

إن هذه اللحظةَ التاريخيةَ في مسيرةِ الأُمَّةِ المُظفَّرة، ما كانتْ لتكون بذلك الصدى الـمُدَوِّي العظيم الـممتدِّ إلى أصقاع الدنيا، لَوْ لم تَكُن تَتْوِيجًا سَاطعًا، لثورةٍ ملحميةٍ مجيدة، ومُحصِّلةً حتميةً، لِتَضحياتٍ سَخيَّةٍ مريرةٍ، تَوالتْ مُنذ أنْ وطأَتْ أقدامُ المستعمر أَدِيمَ وطننا المفدى، عَبْر مقاوماتٍ شعبيةٍ بطولية، ترسَّختْ في سِجِّلاتِ الذَّاكِرة والتاريخ، لتَسْتلهِمَ منها الأجيالُ – اليومَ وغدًا – الوفاءَ للشهداء، وتَبْعثَ في نُفُوسِ شَبَابِنا الهِمَّةَ والنَّخْوةَ، وإرادةَ البِنَاءِ والنماء.

لقد أَشْرَقَتْ في سماءِ الجزائر المجاهدة في ذلك اليوم تَباشيرُ النَّصر..واسْتمد منها الشعبُ الجزائري القوةَ والعزيمةَ، لمجابهةِ آثارِ دَمارٍ وَاسِعٍ مَهُول..وخَرابٍ شَامِلٍ فَظِيعْ، يَشْهدُ على جرائمِ الاستعمارِ البشعةِ، التي لن يَطــــالَهـــــا النسيـــــانُ، ولن تَسقُـــــطَ بالتقـــــــادم، إذ لا مناص من المعالجةِ المسؤولةِ المُنصفةِ والنزيهة، لملف الذاكرة والتاريخ في أَجْواءِ المصارحةِ والثِّقةِ، وفي هذا المنحى أُجدِّدُ التأكيد أن هذه المَسألةٌ ستظلُّ في صُلب اهتماماتِنا.. وسَنُواصِل بدون هوادة، وبِلا تفريطٍ، استكمالَ مساعينا بالإصرار على حقِّ بلادنا في استرجاعِ الأرشيف، واستجلاءِ مصير الـمفقودين أثناء حرب التحرير الـمجيدة، وتعويضِ ضحايا التجارب النووية وغيرها من القضايا الـمتعلقة بهذا الملف .. صَوْنًا للأمانة، وحِفْظًا لوديعةِ الشهداء الأبرار.

أيتها المواطنات .. أيها المواطنون،

إن الاحتفاءَ بهذه الـمناسبةِ التاريخيةِ الـمُتجدِّدة وغيرها من أعيادنا الوطنية، يُعيد إلى أَذْهانِنا تضحيات الشجعان الأبطال الذين تَدَافَعُوا إلى جَبـَهاتِ القتال، في الجبال والأحراش والأودية.. فَعَانَوْا وتحمَّلوا – بِعزَّةٍ ومَجْدٍ – مَشاقَّ طريقِ الحُرِّيةِ والكرامة ..ولأنَّ لِلْجزائرياتِ والجزائريين صلةَ الأبناءِ والأحفاد بأولئك الأمجاد الأفذاذ، وبالإرثَ التاريخيّ العظيم للجزائر، فإنهم أَحْرَزُوا بذلك أَسَاسًا صَلبًا، تَقُومُ عليه اليوم الدَّولةُ الوطنيةُ المستقلة، التي صَمَدَتْ وانْتَصرتْ بمرجعيةِ نوفمبر، أمام الهزَّاتِ والمِحَنِ، وهي اليومَ مُدْرِكةٌ للتحوُّلاتِ العميقةِ على الصَّعيدِ الإقليمي والدولي، وتَتَّجِهُ في كَنَفِ الأمنِ للعمل عَلَى تَهْيِئَةِ الأسبابِ الْتِي تَحْفظُ للجزائرِ مكانتَها وموقعها في سياقٍ عالميٍّ، تَطبعُه التقلُّبات والاضطرابات، وفي عالمٍ لَنْ يَكونَ في المستقبل، بِنَفْسِ التأثيــــرات التي تَحكَّمَتْ منذ عُقُودٍ فـي العلاقـــــاتِ الدوليـــــــة، ولا بِنَفْسِ مُرتكزات التوازناتِ السِّياسية والاقتصادية العالـمية.

إنَّنا ونحنُ نعيش مع العالم في هذه الظُّروف الخاصة الـمعقَّدة مُتغيِّـراتٍ إقليميــــةٍ ودوليــــة حاسمــــة، نُؤكِّدُ أَنَّ تَطلُّعَنا إلـى بنــــاءِ جزائرَ صاعدةٍ، يَسْتوجِبُ إعادةَ الاعتبارِ لقيمة الجهد والعمل، والحرصَ على تعزيز أمنِنا القومي بتَعَدُّدِ جوانبه وفي كُلَ أبعاده، من العوارضِ والطواريء المحتمَلَة، والسَّهرَ على وحدة صَفِّنا، وتكاتُفِ جُهودنا، وتعميق الشُّعُور بالواجِبِ الوطني، والاضطلاع بالـمسؤوليـــــات على أتمِّ وجـــــه، فـي مختلف القطاعــــــات، وفي كُل المواقع تجاه الأمة والوطن.

وفي الأخير، نترحَّمُ في عيد النصر هذا، بخشوعٍ وإجلالٍ على أرواحِ الشهداء الأبرار، مُجَدِّدين العهدَ على الوفاء لتضحياتهم ..ونتوجه بتحيةِ التَّقديرِ والإكبار لرفاقِهم المجاهدين أطال الله في أعمارهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى