معدل نفقات التصدي للكوارث فاق 225 مليون دولار سنويا خلال السنوات ال15 الماضية
تجاوز معدل النفقات العمومية الموجهة للتصدي للكوارث في الجزائر, لاسيما الفيضانات والزلازل وحرائق الغابات, 225 مليون دولار سنويا خلال السنوات ال15 الماضية, حسبما أفاد به, اليوم السبت بالجزائر العاصمة, الوزير الأول, أيمن بن عبد الرحمان.
وأوضح بن عبد الرحمان في كلمة ألقاها خلال افتتاح الملتقى الدولي حول الحد من مخاطر الزلازل الذي تشرف على تنظيمه وزارة السكن والعمران والمدينة, أن ما نسبته 70 بالمائة من هذا المبلغ يوجه لإصلاح مخلفات الفيضانات.
وأضاف الوزير الأول أنه بالرغم من أن الفيضانات تعد على رأس قائمة الكوارث التي وقعت بالجزائر منذ سنة 1950, إلا أن الزلازل كانت الأكثر كلفة من الناحية الاقتصادية.
وبلغت الكلفة الاقتصادية للزلازل ما يقارب 10 مليارات دولار, في حين تقدر خسائرها البشرية ب 6.771 وفاة, مع تضرر حوالي 4ر1 مليون شخص, وفقا للأرقام التي قدمها بن عبد الرحمان.
أكد الوزير الأول, السيد أيمن بن عبد الرحمان أن إيمان الجزائر “يبقى راسخا وعميقا للمضي قدما نحو تعزيز التعاون العربي-الإفريقي والدولي المتعدد الأطراف, بإنشاء آليات عملياتية دائمة ومؤطرة, والعمل بالتنسيق الدائم مع مكتب الأمم المتحدة, للحد من الكوارث ضمن إطار شامل ومتناسق مع الآليات الأخرى المعنية, من أجل التنمية المستدامة وتغير المناخ, مع تحديد وسائل التنفيذ بصفة واضحة وشفافة”.
وذكر الوزير الأول, في هذا السياق, بأن الجزائر بادرت مؤخرا على الصعيد القاري بإنشاء آلية افريقية للوقاية من أخطار الكوارث, من أجل إحداث قوة مدنية قارية للتأهب للكوارث الطبيعية والاستجابة لها, قصد ضمان تكفل فعلي وآني وتقديم الدعم الضروري للبلدان الإفريقية المتضررة.
كما يجري العمل على تفعيل المركز العربي للوقاية من أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى, المتواجد مقره بالجزائر, والتابع لجامعة الدول العربية, حسب السيد بن عبد الرحمان.
وسيسمح ذلك بالرفع من إسهامه في مجالات البحث العلمي المطبق في مجال الوقاية من أخطار الزلازل, وتبادل الخبرات بين الدول العربية, ونقل التكنولوجيات المتطورة عالميا للدول العربية وتطبيقها, يضيف الوزير الأول.
وأكد بن عبد الرحمان أن التزايد “غير المسبوق والمقلق” الذي يشهده العالم في الآونة الأخيرة من كوارث وظواهر قصوى من زلازل وفيضانات وأعاصير وحرائق وتصحر ومخاطر جيولوجية, يستدعي المزيد من رفع التحديات وبذل المجهودات لاحتواء آثارها, وهو ما “يمر حتما عبر الالتزام والمشاركة القوية للحكومات قصد خلق بيئة مواتية ترمي لخفض حالات الوفاة والإصابات الناجمة وكذا الأضرار الاقتصادية والحد من الأضرار على المنشآت, مع ضرورة تدعيم البلدان النامية ضمن التعاون الدولي المستدام”.
وجدد الوزير تبني الجزائر والتزامها بكل القرارات الأممية في هذا المجال وتنفيذها تماشيا مع محتوى أطر العمل العالمية ذات الصلة, مثمنا “المجهودات المبذولة من طرف مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في مرافقته الدائمة والمثالية للتكفل الأحسن لتسيير مخاطر الكوارث, وحرصها الدائم على مواصلة العمل الجماعي لبلوغ النتيجة المنشودة”.
وبعد أن ذكر بأن الجزائر تبقى واحدة من البلدان المعرضة لخطر الزلازل, بحكم موقعها الجغرافي خاصة الشريط الشمالي للبلاد, لفت بن عبد الرحمان إلى أن تنظيم هذا الملتقى الدولي حول الحد من مخاطر الكوارث يؤكد الاهتمام الذي توليه الجزائر لهذه المسألة “المحورية”.
كما يؤكد بأن “دورها يبقى بارزا وفعالا في المنطقة الإقليمية والجهوية والدولية لتقاسم خبرتها المكتسبة في تسيير أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى التي شهدتها بمرور السنين, وكذلك على مستوى الجاهزية للتدخل ما بعد الكارثة, كما برهنت عليه مؤخرا فرق الحماية المدنية التي شاركت بامتياز في عمليات الإنقاذ بعد زلزال تركيا وسوريا”.
يضاف إلى ذلك, “موقف الجزائر الدائم والثابت لتقديم المساعدات إلى البلدان المتضررة بعد الكوارث وذلك بفضل التعليمات والسياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية.
وفي معرض حديثه عن التدابير التي اتخذتها الجزائر لتحيين ترسانتها القانونيةووسائل التدخل للحد من مخاطر الكوارث الكبرى, كشف الوزير الأول أنه يجري العمل على مراجعة الإستراتيجية الوطنية لتسيير مخاطر الكوارث.
وأضاف أنه تم الانتهاء من ورشة تحيين هذه الإستراتيجية, حيث سيتم تنفيذها بعد صدور القانون الجديد الذي سيحل محل القانون 20-04 الصادر في 25 ديسمبر 2004, والمتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى وتسيير الكوارث, مع نصوصه التطبيقية, وذلك “خلال 2023”.
وترتكز الإستراتيجية الجديدة على الاعتماد على العنصر البشري المتدخل في هذا المجال وكفاءته المحققة, وكذا على وعي المواطن المتأثر بالكارثة, كما تضع الآليات الضرورية لاستباق المخاطر والتخطيط لها والحد منها وتعزيز القدرة على مجابهتها من خلال الحوكمة والاستثمار بشكل أفضل مع تشكيل ذهنيات جديدة تعتمد على مفاهيم تسيير الأخطار وليس تسيير الكوارث, حسب شروحات بن عبد الرحمان.
وانطلقت, اليوم السبت بالجزائر العاصمة, أشغال الملتقى الدولي حول الحد من مخاطر الزلازل, الذي تشرف على تنظيمه وزارة السكن والعمران والمدينة, بحضور أزيد من 700 مشارك من الجزائر والخارج.
وينعقد هذا الملتقى المنظم تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية, بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”, تحت شعار “الحد من مخاطر الزلازل: حوكمة واستشراف”, وذلك بمناسبة مرور 20 سنة على الزلزال المدمر الذي ضرب ولاية بومرداس يوم 21 مايو 2003.
وتم افتتاح أشغال الملتقى من قبل الوزير الأول, السيد أيمن بن عبد الرحمن, بحضور وزير السكن والعمران والمدينة, محمد طارق بلعريبي, وأعضاء من الحكومة.
ويشارك في الملتقى مسؤولو الهيئات ذات العلاقة بالوقاية من مخاطر الكوارث لاسيما منها الزلازل, وباحثون جزائريون ومن دول أجنبية, على غرار اليابان, إيطاليا, تركيا, اليونان, المملكة المتحدة, البرتغال, الولايات المتحدة, النرويج, كندا وفرنسا.
وعلى مدار اليومين المخصصين للملتقى, ستتم مناقشة آخر ما توصلت إليه نتائج البحوث على المستوى العالمي في هذا المجال, كما سيقف المشاركون على التقنيات الحديثة للبناء المضاد للزلازل, في إطار مقاربة جديدة تعتمد أساسا على المرونة وتعزيز القدرة على المجابهة, من خلال فهم أفضل للمخاطر وتعزيز سبل التحدي والاستثمار وتحسين مستوى الاستعداد وإعادة البناء على نحو أفضل في مجال التعافي.
ويشمل الملتقى أربع ورشات ستكلل أشغالها بتوصيات علمية.