الجزائر

الدعم الثابت والقوي للجزائر ورئيسها لفلسطين

منذ استرجاع سيادتها قبل أكثر من ستة عقود، اعتبرت الجزائر استقلالها غير كاف إذا لم تنال فلسطين استقلالها ويستعيد شعبها أراضيه التي نهبها الكيان الصهيوني الغاشم. كيان صهيوني مغروس في قلب الأمة العربية كالسرطان لخدمة المصالح الإمبريالية الصهيونية.

وفي هذا الصدد، من الضروري التأكيد على أن الغرب لم يهضم أبدًا خسارة الجزائر “الفردوس المفقود بالنسبة لأولئك الذين يحنون إلى الجزائر الفرنسية وحلفائهم الصهاينة”.

واليوم، نفس السيناريو يعيد نفسه، فالغرب ليس مستعداً لخسارة فلسطين، وليس من قبيل الصدفة أن تعيد آلة الحرب الغربية انتشارها في الشرق الأوسط للدفاع عن الكيان الصهيوني، الذي هزمته المقاومة الفلسطينية عسكرياً واستخباراتيا وحتى سياسيا.

وما لجوء الكيان الصهيوني إلى إبادة المدنيين الفلسطينيين عبر القصف الهمجي العنيف، ليس سوى تأكيدا لهذه الهزيمة العسكرية، ومن هنا جاء وجود مستشارين عسكريين أميركيين لدعم الجيش الإسرائيلي بهدف الحفاظ على عتبة الوضع الراهن.

أما بالنسبة للجزائر، فلا بد من الإشادة بشجاعة والتزام الرئـيس تبـون الذي عبر عن معارضة الجزائر لأي تطبيع مع الكيان الصهيوني، في سبتمبر 2020، عندما سارع العديد من القادة العرب لعقد لقاء مع مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، في أعقاب حماسة التطبيع والتمسك باتفاقات إبراهيم، إيذانا بتصفية القضية الفلسطينية لصالح صفقة القرن الغالية على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ولم تستسلم الجزائر أبدا لهذه الإثارة ودافعت عن مواقفها الثابتة والصلبة، الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني في بناء دولته ذات السيادة وعاصمتها مدينة القدس المباركة.

وضاعف الرئيـس تبـون جهوده ونجح في مصالحة الفصائل الفلسطينية وجمعها بالجزائر خلال شهر أكتوبر 2022، حول طاولة حوار توجت بالتوقيع على إعلان الجزائر، تمهيدا لإنجاح القمة العربية بالجزائر العاصمة، التي انعقدت في بداية شهر نوفمبر، تزامنا مع تاريخ رمزي للغاية وهو الذكرى الـ 68 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954 المجيدة.

ونجح الرئيـس تبـون في جعل القضية الفلسطينية الموضوع الرئيسي لهذا اللقاء، في إطار عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد ثلاثة عقود من توقيع اتفاقات أوسلو، والتي لم تنتج شيئا ملموسا سوى استعمار الأراضي الفلسطينية وانتهاك الأماكن الإسلامية المقدسة مثل المسجد الأقصى. ومن هذا المنطلق، لا تزال الجزائر تطالب بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين داخل منظمة الأمم المتحدة.

لقد أثبت العدوان الصهيوني على قطاع غزة مرة أخرى مواقف الجزائر الثابتة والصلبة عبر فلسطين الشقيقة، كما برهنت على ذلك قرارات الرئيـس تبـون بإرسال مساعدات إنسانية عبر جسر جوي إلى مصر لنقلها إلى قطاع غزة المنكوب، جراء القصف الصهيوني العشوائي والبربري.

وكذلك إلغاء كافة الأنشطة والاحتفالات بما في ذلك إحياء ذكرى الفاتح من نوفمبر، ورفض الرئيس تبون المشاركة في قمة السلام المنعقدة بالقاهرة، التي أدانت فيها الدول الغربية المقاومة الفلسطينية، معلنة أمام الحضور دعمها للمعتدي الصهيوني، وكل هذا ينضاف إلى تحفظات الجزائر على البيان الختامي للاجتماع العربي الطارئ حول الوضع في فلسطين، بدورته غير العادية الذي انعقد بالعاصمة المصرية القاهرة.

وإن الدعوة التي أطلقت الأسبوع الفارط، لتنظيم مسيرات، داعمة للقضية الفلسطينية ولإدانة المعتدي الصهيوني، والتي خرج إليها الشعب الجزائري بقوة، تمثل ردا واضحا على من جعلوا دوما، القضية الفلسطينية كسجل تجاري، مع العلم أن الجزائر هي الدولة العربية أو الإسلامية الوحيدة التي أعلنت نفسها وصية على الشعب الفلسطيني.

في الختام، إن الجزائر، التي استضافت إعلان الدولة الفلسطينية قبل 35 عاما، لم تتوقف أبدا عن جهودها لإعادة توحيد صفوف الفلسطينيين حول القضية المركزية، وهي استعادة الأراضي التي نهبها الصهاينة وعودة اللاجئين. من خلال دعم القضية الفلسطينية بكافة الوسائل المالية والدبلوماسية والسياسية والإعلامية، بعيداً عن الحسابات الأيديولوجية والجيوسياسية. لأن الجزائر وببساطة هي أرض المقاومة والجهاد، وبلد المليون ونصف المليون من الشهداء، وميزانها التاريخي يعرف قيمة الجهاد والمقاومة أكثر من أي مُدعي في الجزائر أو خارجها، ويميز بكل دقة بين المعدن العربي الأصيل، و”العربي المُعتدل”، الذي خضع لتغييرات جوهرية وجينية أفقدته الإنتماء إلى العروبة الأصيلة وكفى. والحديث قياس.

زكرياء حبيبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى