الجزائر بعد وفائها بالتزامها تواصل المسيرة لاستكمال التكفل بضحايا الألغام
أكد المشاركون في إحياء اليوم الدولي للتوعية من مخاطر الألغام والمساعدة لنزع الألغام, يوم الأحد, أن الجزائر بعد التزامها بالآجال المحددة بتحرير كل المناطق الملغمة من الألغام المضادة للأشخاص التي خلفها الاستعمار الفرنسي, تواصل اليوم المسيرة لاستكمال التكفل الاجتماعي والقانوني والاقتصادي لنحو 7300 ضحية لغم.
وأكد الأمين العام للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة, أحسن غرابي, في عرض قدمه خلال الوقفة التذكارية لإحياء اليوم العالمي للتوعية من مخاطر الألغام والمساعدة لنزع الألغام, الموافق للرابع أبريل من كل سنة, أن الجزائر “وقبل خمسة أشهر من الآجال المحددة, تمكنت من الالتزام في 1 ديسمبر 2016 , بتحرير كل المناطق الملغمة إبان الحرب التحريرية على الحدود الشرقية والغربية (خطي شارل وموريس)”.
وأبرز السيد غرابي أن الجزائر “تمكنت بفضل قوة السواعد ومساهمة الدول الصديقة من التخلص في 18 ديسمبر من 2017 (تاريخ اعتماد اتفاقية حضر الألغام المضادة للأفراد) من مخزونها الكلي للألغام وتخلت عن استخدامها لأي ظرف كان”.
وأشار إلى أن الجزائر “تقيدت بركنين اثنين من مفهوم نزع الألغام لأغراض إنسانية أولها تطهير المناطق الملغمة أو المشتبه فيها, إلى جانب تدمير مخزونها الخاص كليا”, حيث تخلصت الجزائر – يضيف السيد غرابي – من “مفعول 1.035.129 لغم وتطهير 50006 هكتار من الاراضي التي زرعت مكانها الاشجار”.
وبالرغم من أن تاريخ انفجار آخر لغم أرضي يعود ليوم 28 أبريل 2011 , فإن السيد غرابي لم يستبعد استمرار مخاطر هذه الأسلحة, قائلا “لا وجود للخطر الصفر”, لاسيما وأن فرنسا “تأخرت في تزويد الجزائر بخرائط انتشار الألغام, إضافة إلى العوامل الطبيعية التي ساهمت في انجراف التربة وانتقال بعض بقايا هذه الأسلحة حال دون القضاء عليها كليا”.
وذكر السيد غرابي , في مداخلته, بأن الجزائر “وقعت سنة 1997 على اتفاقية أوتاوا والتي أقرتها سنة 2001, بينما دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 9أبريل 2002 (أي ستة أشهر من إيداع آليلات التصديق)”, مبرزا أن “إستراتيجية الجزائر اليوم قائمة على دراسة الاحتياجات الاجتماعية والنفسية وكذا الاقتصادية والقانونية للضحايا”, مشددا على دور المجتمع المدني اليوم “كشريك فعال من اجل الوقوف عند هذه الاحتياجات”.
ومن جهته, أكد نائب رئيس جمعية الوطنية للدفاع عن ضحايا الألغام المضادة للأفراد, مسعود العلواني , أن “الألغام جريمة حرب إنسانية مستمرة ضد الدولة والافراد على حد سواء, وهو ما يستدعي إجراء دراسات قانونية لإشراك جميع الفاعلين الدوليين لبحث السبل الكفيلة بمحاسبة المتسببين فيها”, داعيا في هذا الشأن “للجوء إلى محكمة العدل الدولية”.
ومن جهته, دعا يوسف رافعي, رئيس جمعية تضامن للمعوقين وضحايا الالغام بولاية الطارف, إلى “ضرورة تحيين القوانين من أجل الاستفادة من بعض الخدمات الضرورية للمعاق لاسيما من مخلفات الألغام مع توفير مدخول مادي قار لهاته الفئة والتشديد على ضرورة الرجوع إلى خطة العمل الوطنية لمساعدة ضحايا الألغام التي تم اعتمادها سنة 2014”.
أما ممثل الجمعية الثقافية وإدماج المعاقين حركيا لولاية بشار, سليمان معاش, فقد رافع في مداخلته أيضا على “ضرورة ترقية الشؤون الاجتماعية للمعاق بصفة تمكنه من إعادة الاندماج في المجتمع وتوفير المرافق الضرورية لتسهيل تنقله وعمله وإخراجه من العزلة التي يعاني منها”.
وكان اللقاء فرصة لعرض بعض الدراسات الأكاديمية التي أنجزها مختصون نفسانيون لإبراز المعاناة النفسية التي تخلفها الألغام على الضحايا, حيث عرضت الدكتورة في علم النفس بجامعة سعيدة, نعيمة عثماني, دراسة عيادية ل20 حالة تحت عنوان “عصاب ما بعد الصدمة”, تطرقت خلالها إلى المخاطر النفسية التي تخلفها الألغام لاسيما الخفية منها على الضحايا.
و حذرت السيدة عثماني, من أن “ظاهرة الانتحار أو محاولة الانتحار, تبقى من أخطر المؤشرات التي يتعرض لها ضحايا الألغام”, داعية إلى ضرورة “وضع استراتيجية وطنية للتكفل النفسي بهاته الفئة”.
كما عددت , من جهتها , الأخصائية في علم النفس الطبي, ناليا حميش, مختلف الصدمات النفسية التي تطرأ على ضحايا الألغام, مبرزة أن هؤلاء الضحايا الذي يجدون أنفسهم مجبرون على تقبل إعاقة جسدية “ستقلب حياتهم رأسا على عقب”, فإنهم “يخفون جروحا نفسية عميقة غير مرئية ستؤثر كثيرا على حياتهم في المستقبل”.
وإلى جانب “الخوف والانطواء والعزلة هروبا من الحقيقة”, أثارت الأخصائية النفسية “مسألة محاولة الانتحار التي يفكر فيها العديد من الضحايا”.