صدور “سفر في العمل الشعري للونيس آيت منغلات”، للكاتب عمار عبة
يحاول الكاتب عمار عبة في مؤلفه “السفر في العمل الشعري للونيس آيت منغلات”، الولوج إلى عالم هذا الشاعر الكبير الذي يتميز بالأصالة في محتوياته والعصرنة في أشكاله، وهو من بين أعمدة الأغنية الجزائرية بالأمازيغية، كرس حياته لإبراز الحياة في الريف والخطاب الأصلي الذي يساعد في بناء نظرة منطقية ومدروسة عن العالم.
ويتألف هذا العمل الذي نشر في مجموعة “تراس” (Traces) بدار النشر فرانتس فانون من 329 صفحة وحوالي عشرة فصول تتناول مواضيعا تنصب على مسار حياة بشرية اختلجها الحب والقدر والهجرة والسياسة والهوية والثقافة والحرب والسلام والفن وأحلام شاعر وظروف المعيشة، وهي في مجملها انشغالات تتكرر عموما في ظل وجود يصطدم بالندية.
وفي مقدمة جميلة، أكد ياسمين خضراء، كاتب المقدمة، على روعة هذا التكريم الأدبي بقوله “لونيس آيت منغلات هو ترنيمة في حد ذاتها. فكل شيء في هذا الفنان الرمزي يعتبر مرجعا من حكمته المستمدة من الأجداد إلى جاذبية شخصيته وحبه الذي لا يتزعزع لأرضه وأهله و+دشرته+ التي تناطح السحاب”.
واستحضر المؤلف المكانة الهامة التي يحتلها الحب في معناه الواسع لدى هذه الشاعر العليم الذي تغنى بسفحي الجبل، المشمس والظليل، مبرزا النطاق العلاجي للخطاب الذي صار وسيلة لشفاء الفرد من خلال التحلي بالمرونة في وجه كل آلام الحياة.
وذكر ياسمينة خضراء في مقدمته هذه المقاربة قائلا : “لونيس آيت منغلات هو ملاذ السلام وواحة تتعدى المنفى القتال الذي أصبح صمتنا، في وقت تهدد فيه رغباتنا الشديدة بالتلاشي تحت وطأة الخيبات (…) لقد جاء لونيس آيت منغلات إلى العالم ليضمد جراح النفوس ويبعث أملا لدى من يشكو حظه العثر”.
وقال المؤلف انه مؤلفه لا يطمح للعودة إلى عمل شعري ضخم و مثمر بل الأمر يتعلق فقط “بالسماح للقارئ بالتجول والتوقف ببعض الأماكن واكتشاف وتقدير كل محطة مع رونقها وأحيانا أسرارها، بالاندهاش و بالإعجاب و بالإثراء”.
ويجوب عمار عبة بالقارئ في المتاهات المتقلبة لدلالات مختلف النصوص المكتوبة في لغتها الأصلية والمترجمة نحو اللغة الفرنسية، سعيا منه لإبراز سلطان الكلمات والشعر، عن طريق الاشارة بالتفسير والتحليل و المقارنة، الى الطابع المعقد و غير المتاح المتولد عن العبقرية الابداعية للونيس أيت منقلات.
و يختم المؤلف مؤلفه، الذي سيجد فيه أيضا القارئ بيبليوغرافيا و ديسكوغرافيا للفنان مع “اديولس أنغار نرواح” (طويل سيكون طريقنا)، أحد أغاني الشاعر المتميزة بالثراء و التنوع و المفتوحة على عديد التلحينات ذات الصلة بصمود التغلب على الشدائد لأجل بلوغ مثاليته.
“هذا هو شعر كل الذين يكافحون، الذين هم على دراية بأن كفاحهم سيكون طويلا”، على حد تعبير المؤلف قبل أن يضيف أن ” هذا يمكن أن يكون العدالة، الديمقراطية، الازدهار الاقتصادي، الحرية أو تامازيغت أو، لما لا، كل هذا في أن واحد”.
من مواليد 1948 بايغيل محني بمنقطة أزفون في منطقة القبائل،عمار عبة، تلميذ مولود معمري بجامعة الجزائر العاصمة، هو مولع بالثقافة والتاريخ و الأدب و الموسيقى و نشط خلال السبعينات، عديد الحصص الثقافية على القناة الثانية من الاذاعة الوطنية.
و بعد دراسات عليا بالمدرسة الوطنية للإدارة، قام المؤلف بمشوار طويل في الدبلوماسية.