5 يوليو 1962، “منعرج حاسم” في تاريخ البلاد
تحقق إعلان استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962 بعد تضحيات جسام قدمها الشعب الجزائري على مدى 132 سنة، ليسجل هذا التاريخ بأحرف من ذهب لأنه يشكل بداية ميلاد جديد لأمة، حسبما ذكره مجاهدون من عين الدفلى.
ويتذكر عميد مجاهدي عين الدفلى, عباس امحمد (90 سنة) الذي شارك في 5 يوليو 1962 في احتفالات استقلال الجزائر , بتأثر كبير, هذا اليوم الذي شكل “منعرجا حاسما” في تاريخ البلاد.
وقال في هذا الصدد: “الرجوع إلى ما قبل 60 سنة لوصف فرحة الجزائريين في ذلك اليوم ليس بالأمر السهل بالنسبة لي لأن الكثير من الذكريات و المشاعر تنتابني”.
فبالنسبة لهذا الأستاذ في الرياضيات المتقاعد الذي أصبح معروفا بعد التحاقه بالمجاهدين في الجبال في بداية أبريل 1956 و سنه لم يكن يتجاوز 25 سنة, رفقة 35 طالبا من الولاية التاريخية الرابعة, فإن 5 يوليو 1962 هو تاريخ مسجل بأحرف من ذهب لأنه يشكل بداية ميلاد أمة.
ويتذكر المجاهد الذي ساهم رفقة أحمد ميصراوي و عبد الرحمان بلوني و مصطفى يعقوبي و البغدادي حشايشي في سنة 1956 في تكوين أول خلية لجبهة التحرير الوطني بخميس مليانة, وحدة الجزائريين عند احتفالهم كرجل واحد بهذا اليوم التاريخي.
ويستعيد المجاهد عباس امحمد ذكريات يوم الاستقلال قائلا “بالتأكيد كان احتفال الشعب فرحة بالاستقلال و ببداية حياة جديدة, أما بالنسبة للذين شاركوا في الثورة, فكان الشعور الفرحة لا يمكن وصفه بالكلمات و هم الذين آمنوا بشدة بأن تضحيات الشهداء لا يمكن أن تذهب سدى”.
وأضاف: “كان الأمر وكأن كل الشعب كان مكبلا لسنين طويلة و فجأة تكسرت الأغلال التي قيدته لزمن طويل, فعبر الشعب عفويا عن نشوة إدراك معنى الحرية و التخلص من جهيم عانوا منه و عانى منه أسلافهم على مدى 132 سنة”.
— عملاء الاستعمار, خيبة الأمل —
وقال عباس امحمد أن أكثر التفاصيل التي أثرت في نفسه و أقوى شعور تحرك بداخل نفسه هو رؤيته للعلم الوطني في كل مكان, وسط تجمعات المواطنين الذين رفعوه عاليا, وفي لباسهم التي اختاروها بألوانه و على الشرفات…
وقال في هذا الصدد “من الصعب أن أصف شعوري عند رؤية العلم الجزائري يرفرف عاليا في السماء, فهو شعور رائع, و الأروع أنه كان نفس الاحساس باد على وجوه الجميع, و هو مزيج من الفرح و الفخر”.
وسجل المجاهد أن مقابل فرحة المواطنين بالاستقلال, فبالنسبة للذين شككوا في قدرة الجزائريين على طرد المحتل, الذين كانت لديهم مصالح مع فرنسا الاستعمارية, فبالنسبة لهم 5 يوليو 1962 كان خبة أمل لأنهم تيقنوا يومها من نهاية حلم “الجزائر فرنسية بعد أن اعتقدوا خطأ أن الجزائر ستبقى تحت رحمة المستعمر إلى الأبد”.
وأضاف “لم يصدق هؤلاء أن الجزائر انتزعت استقلالها بعد تضحيات جسام وأن فرنسا تخلت عن العرش معترفة بفشلها في ترويض الشعب”.
و تطرق نائب رئيس مؤسسة الذاكرة للولاية التاريخية الرابعة, بلغالم بوقادوم, الى ما قامت به, بضعة شهور قبل الاستقلال, قامت المنظمة المسلحة السرية من أعمال وحشية فظيعة انتقاما من الشعب.
كما أبرز السيد بوقادوم الذي كان يبلغ 18 سنة يوم اعلان الاستقلال, تضامن الجزائريين الذين أكدوه خصوصا تجاه الأكثر فقرا. ” كنت في الشلف في 5 يوليو 1962 , و ما لفت انتباهي في غمرة الإحتفالات البهيجة, هو تضامن الجزائريين إزاء المعوزين حيث كان التجار يوزعون عليهم مواد غذائية و خبز دون مقابل”.
وتوجه بمناسبة ذكرى الاستقلال الى الشباب ليحثهم الى الوعي جيدا بما قام به آباءهم لانتزاع الحرية التي لم يكونوا لينعموا بها لولا التضحيات الجسام التي قدموها في سبيل أن ينعموا هم بحياة أفضل, داعيا اياهم الى العمل على المحافظة على وحدة الوطن وحماية استقلاله من أي “ضرر محتمل” خاصة, كما قال, “في هذه الأوقات غير المستقرة”.