منتهكين القوانين المنظمة لنشاط الموارد الصيدية : التجار يغرقون السوق بسمك السردين الصغير الممنوع من التجارة
لا يزال إشكال عدم احترام الحجم التجاري المسموح به إزاء سمك السردين مستمر في الأسواق الوهرانية, حيث يواصل التجار منذ شهر ماي الماضي, عرض اسماك صغيرة جدا لا يتجاوز طولها أربعة سنتيمترات منتهكين القوانين المنظمة لنشاط الموارد الصيدية, كما أشار مختصون.
و يجمع عدد من المختصين كون عدة أطراف تتقاسم مسؤولية هذه الجريمة التي ترتكب في حق الموارد الصيدية على غرار هيئات الرقابة والصيادين والتجار والمستهلكين رغم أن القانون صريح و يحدد بوضوح الحجم التجاري المتاح لصيد السردين بنحو 11 سم كحد أدنى. و غالبا ما تجد أسماك السردين الصغيرة من يقتنيها نظرا لسعرها المنخفض, إذ يتراوح ما بين 300 و400 دينار جزائري, أي أقل بعض الشيء من نصف سعر سمك السردين ذو الحجم العادي و الذي كان يعتبر في الماضي “طبق الفقراء”. و تعتبر مديرية الصيد البحري وتربية المائيات واحدة من بين أهم الهيئات المعنية بمراقبة الحجم التجاري للأسماك. وقد أكد المدير المحلي لقطاع الصيد البحري وتربية المائيات, هواري قويسم أن سمك السردين الصغير لا يصل إلى أسواق البيع بالتجزئة من خلال القنوات الخاضعة للرقابة على غرار موانئ وملاجئ الصيد, وإنما يدخل من نقاط جنوح القوارب توجد على طول الخط الساحلي. وأبرز السيد قويسم في هذا الخصوص أن ولاية وهران تحصي إحدى عشر (11) موقعا لجنوح القوارب”, مضيفا أن مراقبي مديرية الصيد يؤكدون أن السردين الصغير يلج إما عبر مواقع الجنوح أو قد يتم استقدامه من ولايات ساحلية أخرى مجاورة. و يبدو أن مراقبة صيد وتجارة السردين ليس بالأمر الهين خاصة وأن القانون يسمح بحصة 20 بالمائة من الكمية التي يتم صيدها والتي يمكن أن يكون حجمها أقل من الحد الأدنى المسموح به أي 11 سم.
الصيد المسؤول في خبر كان… و المستهلك شريك في الجريمة
يجمع الكثير من الحرفيين على أن تحقيق الربح يطغى على الصيد المسؤول, ويعتبرون توفير لقمة العيش لعائلاتهم أولى من مستقبل الكائنات البحرية. و قد زادت الأزمة الاقتصادية التي أفرزها تفشي وباء الكوفيد-19 الطين بلة حيث يعترف هؤلاء أن صيد أسماك السردين الصغيرة و إن كان متداولا سابقا إلا أنه أصبح ظاهرة أكثر حدة هذه السنة بسبب الأزمة الصحية التي حرمت الصيادين من النشاط لأشهر عديدة و هم اليوم يسعون لاستدراك الرزق بكل الطرق بما فيها استنزاف الموارد الصيدية. ويقول ناصر, صياد في العقد الخامس من العمر, يمارس هذه المهنة منذ شبابه أن الظروف باتت صعبة بسبب أزمة الكوفيد والاضطرابات الجوية و خرجات الصيد المتعثرة, فإذا ما أضيف عامل جديد يتعلق بحجم السمك, فإنني سأعود في أكثر الأيام صفر اليدين و لن أجد بما أعيل أسرتي”. و يجدر الذكر بأن مالكي السفن والصيادين منشغلين أيضا بمسألة ديمومة الموارد الصيدية, لاسيما وأنها مصدر قوتهم فالصيد التعسفي سيعود عليهم بالكارثة قبل غيرهم لأنه مصدر رزقهم و قوت عائلاتهم. و كان رد ناصر الصياد, مثل رد زملاء له في الحرفة أن لا خيار أمامه لأنه لا يتقن عملا آخرا يسترزق منه. ويحذر الخبراء باستمرار من النتائج الوخيمة للصيد العشوائي على الموارد السمكية المحلية التي تستمر في التراجع و يقول الأمين العام لجمعية “بربروس” البيئة البحرية أمين شاقوري في هذا الشأن أن مواصلة الصيد بهذه الطريقة يهدد بخطر اختفاء الأسماك من سواحلنا في المستقبل”. و أشار هذا الناشط البيئي إلى أن صيد السمك الصغير الحجم جدا يكسر السلسلة البيولوجية للتكاثر ويستنزف الموارد السمكية, مبرزا أن الصيد بهذه الطريقة له تأثير كارثي على تجديد الموارد واستدامة الأنواع. ويعتبر المكلف بالإعلام على مستوى مكتب وهران للجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك في محيطه (أبوس), عبد الكريم ديب, أنه “دونا عن هيئات المراقبة وملاك السفن والصيادين, يبقى للمستهلك دور مهم يلعبه في هذه القضية مبرزا أن هذه السلعة ما كانت لتباع ما لم يكن هناك زبائن لشرائها”.
ويبقى التحسيس والتوعية بابا مهما بالنسبة لجهود مكافحة الصيد العشوائي,حسب السيد ديب الذي ينشط كعضو في لجنة مختلطة للمراقبة والتحسيس, والتي تضم مديريتي الصيد والتجارة ومنظمة “أبوس” والتي تحاول توعية الصيادين والمستهلكين حول هذه المسألة, معتبرا أن التوعية محور مهم لتغيير السلوكات. من جهته, يؤكد مدير الصيد البحري لولاية وهران, هواري قويسم, أن تغييرا شاملا سيمس القطاع مستقبلا من خلال مخطط تهيئة وتسيير موانئ الصيد الجزائرية الذي وضعته الوزارة الوصية وتبنته مديرية الصيد المحلية في ماي الماضي, حيث سيسمح بإعادة تنظيم قطاع الصيد والموانئ بالشراكة مع القطاعات الأخرى كالنقل وغيرها.