من خلال محاضرة قدمها بدار عبد اللطيف بالجزائر العاصمة: البروفيسور مصطفى خياطي يذكر بمآثر وتضحيات الأطباء خلال الثورة التحريرية
كان سجل وتضحيات الأطباء الجزائريين إبان حرب التحرير موضوع المحاضرة التي قدمها البروفيسور مصطفى خياطي أمس الأول بدار عبد اللطيف بالجزائر العاصمة بعنوان “المآزر البيضاء خلال الثورة التحريرية”. استعرض المحاضر خلال مداخلته نضال رجال و نساء قطاع الصحة خلال حرب التحرير و الذين أعطوا كما قال “مثالا للتضحية و الجهاد و الإنسانية”. و أشار انه في بداية الحرب لم تكن هناك مصلحة الطب حتى 1956، مع انعقاد مؤتمر الصومام أضحت الضرورة للتكفل بالجنود و أيضا المدنيين. كما أشاد كذلك السيد خياطي بالقرار الشجاع لهؤلاء الأطباء الذين كان بعضهم يعمل في مستشفيات بفرنسا وآخرون في عياداتهم و يعيشون حياة مريحة لكنهم تخلوا على كل شيء والتحقوا بجيش التحرير الوطني للاعتناء بالجرحى من المجاهدين و إسعاف المدنيين خاصة اللاجئين على الحدود. وذكر أيضا بما قام به الطلبة الذين كان اغلبهم على وشك التخرج لكنهم قرروا ترك مقاعد الدراسة استجابة لنداء الوطن و التحقوا بصفوف الثورة بعد إضراب الطلبة في 19 ماي 1956، و استشهد عدد من هؤلاء الأطباء أثناء أداء عملهم على أيدي جنود المستعمر كما ذكر المحاضر, مشيرا ان هناك أطباء التحقوا من قبل بالثورة كمجاهدين. واستعرض المحاضر في سياق حديثه ظروف العمل في الميدان وصعوبة المكان و قلة الإمكانيات لكن هؤلاء قاموا بمهامهم على أحسن وجه وباستعمال معدات جد بسيطة للعلاج والقيام بعمليات جراحية لإنقاذ الجرحى و المرضى. وفي حديثه عن الجهود التي بذلها في البحث عن هؤلاء الأطباء لتخليد انجازاتهم في الكتاب الذي أصدره في 2011 بنفس العنوان قال انه وجد صعوبة كبيرة في الاتصال بمن مازال على قيد الحياة من هؤلاء الأطباء و استغرق البحث قرابة سنتين حتى تمكن من الحصول على عنوانهم و تسجيل شهاداتهم. واستعرض المحاضر صور هؤلاء الأطباء مدعما بمعلومات عن حياتهم، معتبرا ان هذا العمل هو بمثابة تحية لما قام أطباء و طبيبات و أيضا إلى جانب سلك التمريض والصيادلة الذين ساهموا فذلك في العمل النضالي. كما استعرض ما لحق بهؤلاء من تقتيل و سجن من قبل المستعمر و أيضا من طرف المنظمة السرية و اليد الحمراء و هي عصابة إرهابية تابعة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية. إلى جانب الأطباء الجزائريين كان هناك أجانب ساندوا الثورة كما ظهر في الصورة التي استعرضها المحاضر ومن بينهم ستة أطباء سوريين يتقدمهم نور الدين الاتاسي الذي أصبح رئيسا لسوريا من 1966 إلى 1970 و الذين التحقوا بجبهة التحرير في تونس. و قال خياطي أن عدد الأطباء الجزائريين عند انطلاق ثورة التحرير كان في حدود ال100 ووصل هذا العدد في 1962 عند الاستقلال إلى 150 طبيبا, مشيرا إلى أن عدد الأطباء هو الأكبر ضمن الطلبة الذين التحقوا بالثورة التحريرية. وتأسف المتحدث لعدم وجود الكثير من الكتب و المذكرات حول هذا الموضوع الذي يستحق الكثير من الاهتمام من الباحثين و السينمائيين و غيرهم. للتذكير فان هذه المحاضرة تدخل ضمن الأنشطة التي برمجتها الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي في إطار برنامج الاحتفال بالذكرى ال67 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954.