فيبدا2021: “فطيمة بنت النهر”, شريط مرسوم يحيي ذكرى شهداء مظاهرات 17 أكتوبر 1961
يقدم الرسام ومؤلف الشريط المرسوم بن يوسف عباس-كبير بمهرجان الجزائر الدولي الثالث عشر للشريط المرسوم (فيبدا) مؤلفه الجديد في الفن التاسع الذي يحمل عنوان “فطيمة بنت النهر” مكرما من خلاله شهداء مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس (فرنسا) التي راح ضحيتها الآلاف من الجزائريين.
ويخلد هذا المؤلف, الصادر في 2021 عن منشورات “داليمان”, قصة “فطيمة بدار” أصغر شهيدة في تلك المظاهرات والتي قتلت ووجدت جثتها بنهر السين بعد رميها من طرف شرطة باريس حيث خرج الجزائريون آنذاك بصفة سلمية للتنديد بحظر التجول الذي فرضته الشرطة الفرنسية ضدهم بقيادة السفاح موريس بابون.
وتحكي المشاهد الأولى لهذا الكتاب, الصادر في 31 صفحة, قدوم “فطيمة” إلى باريس رفقة عائلتها واستقرارها بإحدى الضواحي لتدخل بعدها المدرسة وتتعرف على صديقة فرنسية اسمها “آني” فتنشأ بينهما علاقة صداقة رغم اختلاف خلفياتهما العرقية والثقافية.
وتشاء الصدفة أن يكون والد “آني” هو معلم “فطيمة” فتزداد العلاقة توطدا بين الفتاتين وهذا إلى غاية اندلاع المظاهرات التي يشارك والد “فطيمة” في التحضير لها باعتباره عضوا نشطا بفيدرالية جبهة التحرير بفرنسا.
وفي يوم اندلاع الأحداث تقرر “فطيمة” المشاركة ولكن والدتها ترفض الأمر لصغر سنها ولرغبتها في أن تهتم بدراستها غير أنها تلتحق بالمتظاهرين سرا فتتعرض رفقة الآلاف من غيرها للقمع ويكون مصيرها الرمي في نهر “السين”.
وعلى الرغم من أن القصة حقيقية ومستوحاة من أحداث التاريخ إلا أن الكاتب أضاف اللسمة الخيالية لعمله رغبة منه في إضفاء الصبغة التشويقية عليه وجعله أقرب إلى عمل فني في الشريط المرسوم منه إلى عمل يغلب عليه السرد التاريخي, في حين أن استعمال اللونين الأبيض والأسود هو تعبير عن الفترة التاريخية آنذاك ومأساوية تلك الأحداث.
ويضم الكتاب العديد من الصور الحزينة والمعبرة على غرار صورة “فطيمة” وهي تغرق, وصور القمع الذي تعرض له المتظاهرون, وكذا العبارة الشهيرة “هنا نغرق الجزائريين” التي كتبها آنذاك شابان فرنسيان متضامنان مع المتظاهرين على جدار قرب نهر “السين”, بالإضافة لاحتفالات الفرحة باستقلال الجزائر في 5 يوليو 1962.
وأحسن المؤلف في تقديم عمله هذا, الصادر بالفرنسية, سواء من ناحية النصوص أو الرسومات, كما جاء أيضا في نوعية جيدة من الورق, وقد ضم في صفحاته الأخيرة قائمة بأكثر من 300 إسم من أسماء ضحايا تلك المظاهرات.
ويقول عباس-كبير أن تأليف هذا الكتاب كان بمناسبة الذكرى الـ 60 لمظاهرات 17 أكتوبر وهو بمثابة الجزء الثاني لكتابه “17 أكتوبر 1961, 17 فقاعة” الصادر في 2011 بمناسبة الذكرى الـ 50 للمظاهرات, مضيفا أنه “يعطي صورة حقيقية عن امتداد الثورة الجزائرية في العالم بل وإلى عقر دار المستعمر”.
وعن المظاهرات يشير الكاتب إلى أنها كانت “سلمية وأن المتظاهرين الذين خرجوا بالآلاف وجدوا فيها أيضا مناسبة للمناداة باستقلال الجزائر غير أنهم تعرضوا لشتى أنواع التنكيل من قتل بالرصاص ورمي في نهر السين وضرب واعتقال ..”.
ويضيف أن الهدف من هذا الإصدار هو “تعريف الشباب بتلك المظاهرات وبمشاركة الشباب أيضا في الثورة”, مذكرا في سياق حديثه بكتابه الآخر “بتي عمر, الثورة في المحفظة” الصادر في 2018 والذي يحكي عن نضال الفتى “عمر”, عمر ياسف, ضد الاستعمار الفرنسي بحي القصبة بالعاصمة, و الذي قتل من طرف قوات الاحتلال الى جانب حسيبة بن بوعلي, علي لابوانت و حميد بوحاميدي.
وتختتم مساء الأحد فعاليات الطبعة الـ 13 لمهرجان الجزائر الدولي للشريط.