ستينية استرجاع السيادة الوطنية: عرض الفيلم الروائي الطويل “صليحة” بالجزائر العاصمة
عرض الفيلم الروائي الطويل “صليحة” للمخرج محمد صحراوي, يوم الخميس بالجزائر العاصمة, المخلد للمسار النضالي للشهيدة زبيدة ولد قابلية المعروفة باسمها الثوري “صليحة”, والتي استشهدت بمعسكر في 1958.
وحضر العرض كل من وزير المجاهدين وذوي الحقوق, العيد ربيقة, ومستشار رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون الخاصة, محمد شفيق مصباح, و الوزير السابق ورئيس جمعية قدماء وزارة التسليح والاتصالات العامة (مالغ), دحو ولد قابلية, والعديد من الوزراء السابقين والمجاهدين.
يتناول فيلم “صليحة”, في ساعة ونصف, أحداثا تاريخية واقعية تتعلق بالمسار النضالي للشهيدة صليحة ولد قابلية, وكانت هذه الطبيبة الشابة قد غادرت مقاعد الدراسة بكلية الطب لتلتحق بصفوف المجاهدين بمدينة معسكر خدمة للثورة, من خلال استغلال خبرتها في العلاج.
واقتبس سيناريو الفيلم السيناريست رابح ظريف عن كتاب ألفه المجاهد علي عمراني, وهو أحد الفاعلين في مجريات الأحداث حيث ترك بدوره مقاعد الدراسة والتحق بجيش التحرير وكان ضمن المجاهدين الذين كانت برفقتهم الشهيدة, كما قام دحو ولد قابلية, أخ البطلة, بالتدقيق التاريخي لأحداث الفيلم.
لقد اختار صحراوي, صاحب الفيلم الروائي الطويل “سركاجي”, سرد أحداث فيلمه بواقعية من خلال نقل وقائع سايرت مهمة الشهيدة في معالجة المجروحين من المجاهدين وسكان الأرياف وأيضا عملية نقلها لمادة طبية خاصة بالتخدير الى أحد المستشفيات التابعة للمجاهدين في الجبال.
وبعد سفر شاق ومتعب في مسالك وعرة وتحت خطر مداهمة جنود المستعمر لمكان تواجدها والفريق المرافق لها تقع صليحة في كمين لجنود المستعمر وتقاوم إلى جانب رفاقها غير أنها تصاب بوابل من الرصاص لتسقط شهيدة وتلتحق بأخيها نور الدين الذي استشهد قبلها بأشهر.
لقد ركز المخرج في هذا العمل على إظهار الجانب الانساني طيلة أحداث الفيلم خاصة في بعض المواقف التي أظهرت قوة شخصية صليحة التي بقدر ما كانت حازمة وشرسة في مواجهة العدو بقدر ما كانت طيبة وصاحبة تعامل حسن مع الجميع.
وجالت كاميرا صحراوي في جبال وأرياف المنطقة مبرزة جمال وعظمة تلك التضاريس التي احتضنت المعارك وكانت حصنا كبيرا للثوار, كما حطت الكاميرا لحظات ببيت البطلة لتنقل الجو العائلي المفعم بروح النضال والتضحية والفخر.
وشارك في أداء هذا العمل العديد من الأسماء على غرار الممثلة الشابة سهى ولهى التي جسدت باقتدار دور صليحة, وكذا مبروك فروجي وقرايدي نذير وحليم زريبيع وآخرين, إلى جانب محمد فريمهدي الذي أدى دور أب البطلة والممثلة القديرة فضيلة حشماوي التي أدت دور أمها.
وقال وزير المجاهدين وذوي الحقوق أن هذا العمل يتحدث عن “الشهيدة البطلة والحرة من حرائر الجزائر, زبيدة أو صليحة ولد قابلية”, مضيفا أن عرضه “يندرج ضمن واجب الأمة تجاه شهدائها من حيث التمجيد والتخليد, فمثل هكذا أعمال وإنجازات سمعية بصرية تسهم بالضرورة في حفظ ذاكرة هؤلاء الشهداء, كما أنه من واجبنا أن ننقل رسالة هؤلاء الشهداء, وهي أمانة الى الأجيال حتى يتعرفوا على التضحيات الجسام التي بذلتها حرائر الجزائر وبذلها أحرار الجزائر بأن ننعم بالاستقلال وبالحرية ..”.
وعبر من جهته, دحو ولد قابلية, عن “شكره” لوزير المجاهدين وذوي الحقوق على “برمجة هذا الفيلم في إطار الذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية”, قائلا أن “الشهيدة صليحة كانت مسؤولة عن قطاع الصحة في معسكر, بالمنطقة السادسة, وقد عاشت لمدة سنتين في جبال بني شقران قبل أن تستشهد في معركة بهذه المنطقة”.
وأضاف ولد قابلية أن العمل “يروي مسارها ومسار جميع الرفقاء الذين كانوا معها, كما أنه يعكس جميع الصعوبات وروح التضحية والالتزام والاندفاع الذي كان لدى هؤلاء الشبان في محاربتهم للاستعمار, إلى غاية نيل الجزائر لحريتها واستقلالها”.
وقال مخرج هذا الفيلم, المنتج من طرف المركز الجزائري لتطوير السينما, أنه عمل يروي “قصة حول الشهيدة صليحة ولد قابلية من زاوية إنسانية, ولا يتعلق فقط بالحرب ..”, مضيفا أن تصويره بدأ في 2019 وانتهى قبل حوالي عام بمعسكر وأيضا بالجزائر العاصمة.
وعبرت من جهتها, سهى ولهى, مؤدية دور البطولة, عن سعادتها بأداء هذا الدور, قائلة أن تمثيلها كان “بكل عطاء وبكل حب, حيث أن أي ممثل يتمنى أن يجسد دورا لشخصية تاريخية, خصوصا إذا كانت شخصية شهيد أو شهيدة, وهذا في حد ذاته حظ”.
وكانت ندوة حول مسار الشهيدة صليحة ولد قابلية قد نظمت قبل عرض الفيلم بالمتحف الوطني للمجاهد نشطها دحو ولد قابلية.