ثقافة

صاحب رواية ” زنقة الطاليان ” المرشحة للفوز بالبوكر 2022 للشباب الجزائري: أعمل جاهدا للابتعاد عن البذخ البلاغي والانحراف اللفظي، وأحاول الكتابة بلغة شفافة وبسيطة “‎‎

يعتبر الكاتب بومدين بلكبير، أستاذ باحث وروائي أثبت حضوره بشكل رهيب على مستوى المشهد الأدبي الجزائري، بالرغم من احتشام انتاجه، حيث اصدر أول  رواية له سنة 2016 موسومة ب “خرافة الرجل القويّ”، عن “منشورات اختلاف وضفاف” والتي كانت موغلةً في العمق الجزائري، إثر احتوائها على مواضيع الصراع الهوياتي، اغتراب النخبة وزيف التاريخ مع العلاقة بين الشرق والغرب.

في حين أنّ روايته الثانية وسمت ب  “زوج بغال” و صادرت سنة 2018، هذه الرواية التي  تميزت  بموضوعها  الجريء، والحساس المتمثل في  العلاقات المتدبدبة بين الجزائر والمغرب، والتي تحوّلت مع السنوات الى عداء انعكست أثاره على الشعبين الشقيقين. انا آخر اصدار له فهو رواية “زنقة الطليان” التي تنتمي إلى ذلك النوع من الروايات الواقعية التي تعتمد على الوصف الدقيق سواء للمكان أو للشخصيات حيث يأخذنا  الروائي الجزائري بومدين بلكبير حيّا قديما من مدينة “عنابة” والمسمى “زنقة الطليان”، ويُضيء -خلال أكثر من 200 صفحة- الهدم الذي ينتظره هذا الحي القديم، والطرد الذي يترقبه سكانه، في ظل ظروف خانقة لا تعطي وزنا لا للتراث ولا لقيم جمال الماضي ولا تكترث لمعاناة طبقة مسحوقة بامتياز. هذا العمل الذي اختير ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر 2022” التي تضم 16 عملا روائيا، وللاستفسار أكثر حول هذا العمل المرشح لاكبر الجوائز العالمية للرواية العربية وكاتبها تقربت جريدة ” الشباب الجزائري”  من الاستاذ بومدين بلكبير طارحة بعض الأسئلة التي كانت اجاباتها كالتالي :

من بين 16 عمل روائي متنافس رُشحت رواية ” زنقة الطاليان ” للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية “بوكر 2022”.

حدثنا أكثر عن هذا الترشيح وموقفك نحوه؟

حالما وصلني خبر دخول رواية (زنقة الطليان) للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، قلت في قرارة نفسي: “على الأقل خبر مفرح وسط العتمة التي ادخلنا فيها فيروس كوفيد 19″، إذ وبعد انتشار نتائج لجنة تحكيم الجائزة، بصراحة أسعدني أكثر تفاعل الاصدقاء والساحة الثقافية مع الخبر، وايضا حجم المحبة التي غمروني بها. جد ممتن لكرمهم ومقاسمتهم الفرحة. ومع ذلك مازالت الطريق طويلة أمام الرواية، خصوصا وأن هناك عدة أعمال اخرى مشرفة دخلت القائمة وذات قيمة فنية وأدبية عالية على اصعدة ومستويات مختلفة، اهنئ بدوري هؤلاء الكتاب واتمنى لهم التوفيق أيضا، كما اتمنى ان يكون نفس رواية (زنقة الطليان) طويلا، كي تستمر في التنافس للمراحل القادمة من عمر الجائزة.

” زنقة الطاليان ” تركيبة عنوان جاذبة..ما سر اختيار هذه العتبة دون غيرها؟

الرواية هي بمثابة حديث عميق عن حياة المهمشين والمقهورين في حي شعبي عريق بمدينة عنابة، اخترته لأن يكون فضاء لمجريات أحداث الرواية، وايضا هذا الحي بما يمثله وما يحمله من حمولة رمزية هو انعكاس لوطن بأكمله، من هنا اعدت تشكيل هذا الفضاء فنيا في اكثر من 223 صفحة.

ماذا عن طقوس الكتابة ومن أين استوحيت الفكرة والإلهام؟

أنا اكتب بكل مكان وفي كل وقت (عدا بالطائرة)، أكتب بمكتبي بالبيت، وفي السفر، وبالمقهى، وبالمطار، بالاماكن الهادئة والمكتظة على حد سواء، في الليل والنهار أيضا. فضلا عن أني كائن ليلي بامتياز في علاقتي الحميمة بالمدينة والمكان والناس كذلك. أثناء وقبل وبعد كتابة رواية زنقة الطليان؛ كنت أتردد باستمرار على أزقة ودروب وأحياء، المدينة العتيقة (لابلاص دارم) بعنابة.

لديك حس اجتماعي في التعاطي مع قضايا المجتمع العربي سواء في الرواية أو غيرها من الأعمال…ما هي دوافع ذلك؟

طبعا، انا أعيش في هذا الفضاء الكبير، اتعامل مع الواقع اليومي للانسان بالمنطقة، بكل الخيبات المكررة والهشاشات التي أضحت ملازمة لحياتنا. اكتب عن كل ما هو عادي ومعقد وكثيف لكي أفهم خلفيات السلوكات والنفسيات المحركة والدافعة لهذا المجتمع في ظل الظروف المحيطة والمستجدة بالمنطقة والعالم ككل. اكتب لأنتصر للانسان أولا وقبل كل شيء. فأنا وسط هذا الخراب واليأس (الحروب، الصراعات، الوباء) أكتب لأبحث عن إنسانيتي.

شغلت الواقعية حييزا كبيرا بين دفتي أغلب اعمالك إلىما ترجع ذلك؟

الواقع لا ينفصل عن الخيال، بل اضحى الواقع أكثر سريالية من الخيال! أحيانا هناك اعمال سردية خيالية تتحول بمرور الزمن إلى حقائق موجودة على أرض الواقع. هل الروائي عراف او منجم؟ لا أعتقد ذلك.. كما أن هناك  أحداثا واقعية قد تتحول إلى اعمال سردية بين دفوف الكتب.

مسار الكتابة لديك بدا مبكرا، في حين تاخر بعض الشيء بالنسبة للكتابة الروائية، دكتور بومدين بلكبير بدأت سنة 2016 برواية ” خرافة الرجل القوي” تلتها رواية ” زوج بغال ” سنة 2018، ثم زنقة الطاليان سنة 20210….  ماهي توابث ومتغيرات هذا المسار؟

احترام عقل القارئ، وعدم الاستهانة بذكائه، اضع ذلك نصب عيني قبل واثناء وبعد كتابة أي عمل سردي. الصدق في الكتابة، الابتعاد قدر الإمكان عن التصنع والتكلف، علاوة على عدم اتيان الكتابة عنوة، مرات أصاب بحبسة الكتابة، ومع ذلك لا أحاول في هذه الفترة العصيبة أن اقربها، والا خرجت نصوصي هشة وغير عميقة.

تدور احداث رواية ” زوج بغال في منطقة حدودية بأقصى الغرب فيما جرت احداث “زنقة الطاليان ” بمدينة عنابة أقصى الشرق الجزائري…هل كان الامر معتمدا أم أنها مجريات صُدف؟

أنا مهتم بالمكان، ممكن مأتى ذلك جراء اغفال نسبة كبيرة من الروايات العربية والجزائرية للمكان، او جراء إهتمامي من سنوات بأدب الرحلة، زرت عشرات الدول والمدن الجزائرية، العربية، والأجنبية، فضلا أنني نشرت مجموعة مهمة من الاستطلاعات المكتوبة والمصورة حول اهم تلك المدن في مجلة العربي الكويتية، ومجلة رؤى ثقافية، وغيرها من المنابر.

اخيرا هل كتاباتك موجهة إلى قارئ بسيط يمكنه فك شفرة النص بسهولة، أم يشوبها غموض التعقيد؟

أعمل جاهدا للابتعاد عن البذخ البلاغي والانحراف اللفظي، كما أحاول الكتابة بلغة شفافة وبسيطة وأكثر سلاسة.

حاورته: أ.صحراوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى