ناصر بوريطة.. “رئيس جمهورية المغرب” داخل مملكة محمد السادس!
بين أقوال “الملك” محمد السادس و”أفعال” “الوزير” ناصر بوريطة يتضح حجم الخلل والتناقض والتضارب والغموض الحاصل في بلد اسمه المغرب، هل هو “مملكة” أم “جمهورية”؟ أم أن سلالة الحكام في “المملكة المغربية” انتهت عند “الرقم 6” مع “محمد” ودخلت معها هذه الدولة تحت حكم سلالة جديدة يقودها “الملك ناصر بوريطة الأول”.
وبتساؤل “أكثر وضوحاً” إلى “حد ما”.. من يحكم في المغرب؟ و”من يحكم من؟”، هل هو “الملك المريض جسدياً” و”الضعيف سياسياً”؟ أم “الوزير المرتبك دبلوماسياً” و”القوي داخلياً”؟
ولفهم هذه التركيبة الغامضة أو المقعدة، يجب العودة أولا إلى معطيات من “السيرة الذاتية” لـ”الوزير الرئيس” أو “الوزير الملك” وأيضا من “السيرة الملكية” لنظام “مدمن على الخيانة”.
ناصر بوريطة الذي تولى منصبه سنة 2017 أدخل المغرب في “سياسة خارجية عدائية” مع عدة دول عبر تسويق الوهم، بعد أن جَعَل من ملف الصحراء الغربية “سجلا تجارياً للتموقع” الداخلي والخارجي، أكثر مما فعله نظام “الراحل” الحسن الثاني المشهور بالخيانة “العابرة للقارات”، والذي حاول “التفاوض” حول الصحراء الغربية مع الجزائر، لكن بوريطة يقول “إنه لا تفاوض”، رغم أن الجزائر “لم ولن تفاوض” على قضية تصفية استعمار “مهما كان الثمن”، لأنه مبدأ “غير قابل حتى لمجرد التفكير بالتفاوض عليه”.
وقبل الغوص في سيناريوهات أسباب التناقض والغموض الذي يحوم حول حقيقة من “يحكم فعلياً في المغرب”، تستوقفنا السيرة الذاتية لوزير خارجية المخزن ناصر بوريطة.
اختيار “محيط الملك” (إن كان هو أصلا) لناصر بوريطة وزيرا للخارجية يبدو واضحا أنه كان مدروساً وفق خطة استراتيجية ذكية بأهداف محلية مغربية وإقليمية، فهو مختص في العلاقات الدولية وفي القانون الدولي و”ما أدراك ما القانون الدولي”.
كما أن تدرجه المهني الدبلوماسي “كان أكثر حظاً” من نظرائه في الخارجية المغربية أو من دفعته الجامعية وحتى ممن يملكون الأقدمية، فقد تنقل بين “بروكسل” و”نيويورك” و”فيينا” من 2003 إلى 2011 وليس في عواصم أفريقية أو عربية أو آسيوية “لا طموح ملكي أو رئاسي فيها”، وهي المحطات الخارجية التي نقلته بسرعة البرق إلى رأس الخارجية المغربية.
من هذه العواصم بات بوريطة ممسكاً بعصا دبلوماسية المخزن، ليس هذا فحسب، بل كوّن علاقات مع “أرباب الدبلوماسية العالمية” من صهيونية وماسونية عارضاً خدماته “رئيساً مطيعاً لجمهورية المغرب” أو “خليفة لمحمد السادس”، من وراء الستار أو من أمامه.
ثاني المعطيات التي تؤكد بأن ناصر بوريطة ليس مجرد وزير لخارجية نظام المخزن، بل “رقم صعب فيه”، تلك التسريبات والمعلومات التي تحدثت عن العلاقة الوطيدة والاستثنائية بين ناصر بوريطة وعبد اللطيف الحموشي مدير جهاز المخابرات المغربية، وكذا التسريبات التي فضحت فسادهما.
إلى هنا قد يبدو الأمر عادياً في بلد من العالم الثالث، لكن… منذ ماي 2021، بدأ “الذباب الإلكتروني” المغربي المخزني التابع للحموشي في الترويج لـ”واجهة جديدة لنظام المخزن”، غير دراجة في الإعلام المغربي بمختلف أنواعه والتي اعتادت “عبودية جلالة الملك” “نصره الله” وفق تعبير إعلام المغرب، الذي غيّر بوصلته هذه المرة نحو نصرة “ثلاثي الأمجاد”.
ذباب المخزن “تجاوز كل الحدود الملكية” المرسومة له عندما أسقط “ربه الملك” و”نصّب آلهة جديدة”، على رأسها ناصر بوريطة وزير الخارجية وعبد اللطيف الحموشي رئيس جهاز المخابرات وياسين المنصوري مدير “الإدارة العامة للدراسات والمستندات” وهو جهاز مرتبط بـ”مكافحة التجسس”.
تزامن ذلك مع خروج تسريبات حتى في الإعلام الفرنسي عن “صراع محموم على السلطة” داخل العائلة الملكية بين رشيد بن الحسن وهو شقيق الملك وجناح ولي العهد “البز” حسن بن محمد.
مؤشرات أوحت إلى درجة كبرى بأن الصراع على السلطة في المغرب أصبح محسوماً لجناح بوريطة والحموشي بواجهة ولي العهد “الصغير” الذي يحتاج لسنوات طويلة من “أجل البلوغ السياسي”.
من هنا، نعود إلى “أقوال الملك” و”أفعال الوزير”، نعود إلى السياسة الخارجية التي كانت من “الاختصاصات المقدسة” للنظام الملكي قبل أن يتم “تخدير الملك” ليس بـ”الزطلة” لكن بـ”السحر الدبلوماسي الأسود” الذي فضح جعل من فضائحه مادة دسمة في الإعلام الفرنسي الذي لم يكن يفكر قبل في شيء اسمه “حرية التعبير” عندما يتعلق الأمر بملوك المغرب، وللحديث بقية.
وبغض النظر عن خطابات “النفاق الملكية” التي اعتاد عليها نظام المخزن في التعامل مع الجزائر ظاهرياً و”الغدر” سرياً، إلا أن خطاباً “ملكياً” واحدا فضح جزء من حقيقة محلية مغربية أكثر منها مرتبطة بالجزائر، وهو خطاب محمد السادس في الذكرى الـ22 لعيد العرش أوت 2021.
حينها أطلق الملك المغربي رسائل “غزل وعشق” باتجاه الجزائر في خضم معاناة المغرب من إغلاق الحدود وتبعات كورونا وهيجان الشعب المغربي على غلاء الأسعار والفقر والبطالة التي كانت بنزيناً قد يحرق نظام المخزن في أي وقت.
ومع ذلك، كان لافتاً الكلمات التي استعملها محمد السادس وهو “يترجى” الجزائر بإعادة فتح الحدود، عندما قال إن الجزائر والمغرب “توأمان متكاملان”، ودعا الرئيس عبد المجيد تبون إلى تطوير العلاقات.
بل ذهب أبعد من ذلك عندما أكد بأن “ما يمس أمن الجزائر يمس أمن المغرب، والعكس صحيح”، وشدد في السياق على أن المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، وبأن الوضع الحالي للعلاقات بين البلدين “لا يرضي الرباط وليس في مصلحة شعبينا، وغير مقبول من طرف العديد من الدول”.
تباينت القراءات خلالها حول “نية” وأهداف “الخطاب الملكي”، بين من اعتبره “خطاباً صادقاً” وبين من رآه “مناورة مخزنية”.
لكن ما خفي عن تلك القراءات هو خرجة دبلوماسية المغرب بعد ذلك “الخطاب الملكي الجريئ” بخطوة لم تتجاوز فقط كل “كل الحدود الدبلوماسية” بل بدت “متجاوزة للحدود الملكية”، أظهرت تحدياً للملك محمد السادس أكثر منه للجزائر.
أياما قليلة بعد خطاب محمد السادس، خرج سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر ربيع وبـ”أمر من ناصر بوريطة” بخرجة “مزطولة” عندما وزع وثيقة على أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة دعا فيها “الأسرة الدولية لمساعدة منطقة القبائل الجزائرية للحصول على تقرير المصير”.
من “توأمان متكاملان” إلى “تقرير مصير القبائل” دخل المغرب منطقة الـ18 الجزائرية، حتى وإن كان مؤكدا أن خطابات ملوك المغرب تجاه الجزائر مليئة بالنفاق والحقد والتآمر، لكن أن تصدر خطوة تصعيدية كهذه من “مجرد سفير” بعد أيام من مغازلة محمد السادس للجزائر فهذا يؤكد 5 معطيات:
الأول: بعد خطاب محمد السادس في أوت 2021 بدأ “الاختفاء التدريجي الغريب” للملك عن الواجهة السياسية في المغرب، واكتفى ظهوره على بعض المراسم “النادرة”.
الثاني: بعد استدعاء الجزائر سفيرها في المغرب للتشاور وطلب توضيحات من المغرب على هذه “الخطوة الانتحارية”، كان رد الفعل المغربي “متجاهلا” رغم فداحة “الكارثة الدبلوماسية” التي وقع فيها نظام المخزن.
ثالثا: خطاب أوت 2021 “الملكي” يبقى “الدليل على أن محمد السادس ليس حاكماً للمغرب” “ولا يعلم أصلا” بـ”تخبيصات وزير خارجيته”.
“ولا يعلم أصلا” لا تعني بأي حال من الأحوال تبرئة النظام الملكي الذي كان منذ مئات السنين “الخنجر” الذي يطعن من الخلف، لكن ذلك يأتي في سياق صراع محموم على السلطة بين جناحين داخل المخزن.
وبين واحد من الجناحين، يوجد جناح الصقور “أو الديناصورات القديمة” الذي يمثله الملك محمد السادس الذي يعي جيدا بأن اللعب على وتر منطقة القبائل وابتزاز الجزائر بها، هي خطوة انتحارية تعجل بسقوط نظامه، خصوصا إذا ما في أخذ في الاعتبار مشكلة النظام المغربي مع منطقة “الريف” “الأمازيغي”.
وهنا يفهم أن رهان بوريطة على ورقة القبائل في الجزائر هدفه الخفي إسقاط نظام محمد السادس بمعية الحموشي أكثر منه الضغط على الجزائر، ذلك أن المخابرات المغربية الأكثر دراية بمدى قدرة جيش ومخابرات الجزائر على وأد “أي نية تآمر” على وحدة وسيادة وأرضي وأمن البلاد، كما حدث مع تنظيمي “رشاد” و”الماك” الإرهابييْن المدعومين من مخابرات الحموشي.
رابعا: قراءة وتفكيك الخطاب وقبله رغبة الرباط في مساعدة الجزائر على إخماد حرائق الغابات، يوحي برغبة نظام محمد السادس في التقارب مع الجزائر، وإن كان التاريخ يؤكد بأنه “نظام لا يؤتمن”، لكن رغبة محمد السادس لـ”التقارب الانقاذي لنظامه” سرعان ما اصطدمت بـ”فيتيو بوريطي” مِن مَن يفترض أنه وزير خارجية نظامه، مع العلم أن الدستور المغربي يقر بأن “الملك هو من يقرر السياسية العامة للدولة بما فيها الخارجية”.
خامسا: “فيتو بوريطة” لم يترجمه التطبيع مع الكيان الصهيوني، لأن الحسن الثاني كان “الأكثر جرأة في خيانة فلسطين والجزائر والعرب” في زمن “كانت فيه العزة متوفرة”، بل برز في أمور أخرى:
أولها: التجسس المغربي على الجزائر ببرنامج “بيغاسوس” الصهيوني.
ثانيها: الاتفاقية الدفاعية بين النظامين الاستعمارييْن (المغرب والكيان الصهوني)، والذي كان هدفه الوحيد استهداف الجزائر.
ثالثها: إدخال الكيان الصهيوني على خط الصراع على الصحراء الغربية، و”النظام الملكي” المغربي يعلم جيدا أن ذلك يعد في أبجديات “النخوة الجزائرية” “إعلان حرب”، إلا أن “نظام ناصر بوريطة” استقدم “أبغض كيان” على حدود الجزائر، وكسر “قاعدة ملكية” مغربية ليس لـ”نخوته” بل خشية تكرار تجربة “حرب الرمال”.
رابعها: وهذا هو الأهم، فإن استقواء ناصر بوريطة بالكيان الصهيوني يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأنه بات “الحاكم الفعلي” للمغرب، خصوصاً بعدما صرح صراحة بأن المغرب “مستعد للذهاب بعيدا في علاقاته مع إسرائيل”.
وكما استقوى نظام الحسن الثاني بالكيان الصهيوني في عز النخوة العربية، فإن ناصر بوريطة يعيد الكرة هذه المرة لكن في عز “النخوة المغربية” لإسقاط النظام المخزني.
وهو ما يعني أن النظام المغربي بأجنحته المتصارعة يحاول من خلال ذلك وهو متحسب لثورة شعبية تسقط نظام “M6” البحث عن مخرج “أقل ضررا” لكن في سياق صراع محتدم على السلطة، قد ينتهي بملك “مراهق” “لا ينهى ولا يأمر” يكون فيه ناصر بوريطة “الآمر والناهي” “من وراء الستار”، ومعه الحموشي أو “الحنوشي”، لأن “الحموشي” “لن يبقى في منصبه” بمجرد تولي بوريطة “مقاليد الحكم في المغرب” بشكل رسمي “علني أو غير علني”، لأنه تجارب السياسة في دول ضعيفة مثل المغرب تؤكد ذلك.
أو أن يكون ناصر بوريطة “رئيساً جاهزا للجمهورية المغربية” بعد أن تم الترويج له على أنه “جوكر الدبلوماسية” في الإعلام المغربي الذي دأب على عبودية “سلالة محمد السادس”.
أما المؤكد في ظل كل التطورات الحاصلة، فإن محمد السادس بات “حاكماً للرباط” كـ”أقصى تقدير” وليس للمغرب، وبأن ناصر بوريطة هو الحاكم الفعلي في المغرب، والأيام تؤكد كما كانت الصهيونية “أقوى” في “إسقاط النظام المغربي” أكبر من الشعب المغربي “المغلوب على أمره وأموره”.