الجزائر

نظام الأجور والمنح…زيادة معتبرة للعمال واهتمام بالبطّالين

شهد نظام الأجور والمنح هذا العام، تسجيل زيادة معتبرة لرواتب العمال، تزامناً مع خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، ومراجعة النقطة الاستدلالية، تنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامية إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، في وقت أقرّ الرئيس تبون قبل أشهر، استحداث منحة للبطّالين، مع التزام برفع أجور العمال ومنح البطّالين اعتبارًا من جانفي 2023.    

ويشكّل الاحتفال باليوم العالمي للعمال في غرّة ماي 2022، فرصة للوقوف على التحوّل النوعي الذي تعرفه الجزائر في السنتين الأخيريتين، والجهود المبذولة لدفع منظومة العمل وتعزيزها بدعامات المقاولاتية والاستثمار المنتج وتحفيز المبادرات الخلاّقة.

واللافت أنّ الزيادات التي شملت رواتب العمال منذ بدء تطبيقها بموجب اجراءات قانون المالية 2022، امتدّت إلى العلاوات والتعويضات الشهرية وغير الشهرية ولم تقتصر فقط على الراتب الرئيسي، على نحو أتاح ارتفاعاً للأجور يتطور بحسب مستوى الدخل، ووفقاً لسلّم تدريجي يتمّ حسابه على ستة مستويات.

في هذا السياق، أوضحت مديرة أنظمة الرواتب بالمديرية العامة للميزانية، التابعة لوزارة المالية، نصيرة موساوي، أنّ رفع النقطة الاستدلالية مسّ شقين: يتعلق الأول بالزيادة في الشبكة الاستدلالية للمرتبات والتي تخص زيادة عمودية في الرقم الاستدلالي الأدنى لكل صنف، وزيادة أفقية تخصّ في الزيادة الاستدلالية للدرجات”.

أما الشق الثاني، فخصّ “الزيادة في العلاوات والتعويضات الشهرية وغير الشهرية، على أساس أنّ احتساب هذه العلاوات والتعويضات يتمّ على أساس الراتب الرئيسي، بنسبة مئوية تختلف من قطاع لآخر (التربية، الصحة…)، لكنها لا تقل عن 65 بالمائة، وعليه، فإنّ الزيادة ستمس كل المنح”.

وكانت موساوي، أكدت مؤخرا أنه عند إضافة 50 نقطة في الرقم الاستدلالي للراتب الرئيسي، والزيادة في الدرجات التي تبلغ حتى 30 نقطة، فإنّ الزيادة ستكون بمجموع 80 نقطة مضروبة في قيمة النقطة الاستدلالية (45 ديناراً)، فإذا كانت الزيادة بـ 3 آلاف دج في الراتب الرئيسي مثلاً، فسُيضاف لها مجموع زيادة بـ 65 بالمائة في الأجر، والتي تمثّل قيمة العلاوات والتعويضات المحسوبة بنسبة مئوية من الراتب الرئيسي.

وبخصوص الأسس التي أخذت بعين الإعتبار عند مراجعة سلم النقطة الاستدلالية، قالت المسؤولة ذاتها، “إنّ نظام الرواتب في الوظيف العمومي مبني على مستوى الأساس التأهيلي لكل صنف، حيث أنّ التدرج في الصنف تترتب عنه الزيادة في الراتب الرئيسي، ولهذا أضافت وزارة المالية “50 نقطة لكل صنف للحفاظ على هذه الفوارق التي يصنعها النظام التعويضي، لكن تبقى الزيادات، بصفة عامة، موجهة لذوي الدخل المنخفض لرفع القدرة الشرائية”.

ارتفاع سنوي لرواتب 2.7 مليون موظف ومتعاقد

يمسّ رفع النقطة الاستدلالية في قطاع الوظيف العمومي أكثر من 2.7 مليون موظف وعون متعاقد، منهم 2.4 مليون مأخوذين على عاتق ميزانية الدولة، وحوالي 360 ألفاً على عاتق ميزانية الجماعات المحلية (خزينة الولايات والبلديات)، لكن الفارق ستتحمّله الخزينة العمومية.

أما بالنسبة للأثر المالي لهذه الزيادات، فيقدّر بحوالي 220 مليار دج سنوياً، ويُنفّذ بأثر رجعي يمتدّ إلى الفاتح مارس 2022، وفي احتساب الزيادة، تمّ كذلك إدراج الزيادات التي طالت الأجور مؤخراً إثر تطبيق السلم الجديد للضريبة على الدخل الإجمالي ابتداءً من جانفي 2022.

وعليه، فإنّ الزيادة في الأجر، بفضل العاملين الجديدين (رفع النقطة الاستدلالية وخفض الضريبة على الدخل) “تبلغ في المتوسط 5.600 إلى 6.000 دج، وتصل إلى 10.000 دج في بعض الحالات”، وبشأن من تقلّ مداخيلهم عن 30 ألف دج، والذين استفادوا من إلغاء كلي للضريبة على الدخل الإجمالي، فإنّ من ينتمون إلى هذه الشريحة، والذين يمثلون الصنف1 في شبكة الأجور، يستفيدون من زيادات بـ 4.300 دج بفضل رفع النقطة الاستدلالية ابتداءً من الفاتح مارس، بعد أن استفادوا من الغاء نهائي للضريبة على الدخل الإجمالي في السابق، مما يعني زيادة اجمالية قدرها 6.100 دج في أجورهم بفضل مراجعة السلمين.

وبحسب مراجع رسمية، فإنّ خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، يكلّف الخزينة العمومية 180 مليار دج سنوياً، فيما يكلّف الرفع من النقطة الاستدلالية 220 مليار دج، لتقدّر الزيادة السنوية في الأجور بـ 400 مليار دج في 2022.

وأشارت ممثلة وزارة المالية، نصيرة موساوي، إلى أنّ الغلاف المالي المخصص لمنحة البطالة يبلغ 145 مليار دج سنوياً، منوّهةً إلى أنّ هذا الرقم مبدئي وقابل للارتفاع بحسب عدد طالبي هذه المنحة.

وبخصوص رفع القدرة الشرائية وتحسينها، أشارت موساوي إلى أنّه زيادة على رفع الأجور، هناك عوامل أخرى منها استحداث منحة البطالة حيث “سيستفيد الموظف في العائلة من الرفع في النقطة الاستدلالية أي في الأجر، فيما يستفيد البطال في العائلة نفسها من منحة البطالة، وهو ما يعتبر رفعاً للقدرة الشرائية للعائلة نفسها”.

تكريس سياسة الدعم الاجتماعي

كرّست الجزائر في السنتين الأخيرتين، سياسة الدعم الاجتماعي ودعم أسعار المواد الأولية، بالإضافة إلى تحملّ الخزينة العمومية أثر ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في السوق الدولية وليس المستهلك، وهو ما ساهم في الحفاظ على استقرار الأسعار.

ويبرز  خبراء الشأن الاقتصادي، أنّ كل هذه العوامل حافظت كذلك على القدرة الشرائية، ولا يجب النظر فقط في الزيادة في الرواتب فحسب، بل عبر عدة معايير مرتبطة رأساً بالتحويلات الاجتماعية في إطار سياسة الدعم التي بلغت 1942 مليار دج هذه السنة.

وبرسم لقائه الأخير مع ممثلي الصحافة الوطنية، أعلن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، عن زيادات في أجور العمال وفي منحة البطالة سيشرع في تطبيقها مع مطلع السنة المقبلة، وصرّح الرئيس: “نطمئن الطبقة الشغيلة أنه من هنا إلى نهاية السنة، ستكون هناك زيادة في الأجور وفي منحة البطالة، وسيشرع في تطبيقها مع بداية شهر جانفي 2023″، مضيفاً: “ننتظر النتائج النهائية للمداخيل الوطنية المنتظر تحقيقها إلى غاية نهاية السنة الجارية”.

استيعاب تدريجي لأصحاب عقود ما قبل التشغيل

جدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مؤخراً حرصه على توجيه الحكومة للحفاظ على مناصب الشغل، بالرغم من إكراهات الأوضاع الناجمة عن الحالة الوبائية التي خلفتها جائحة كورونا، مشيرًا إلى أنه بغرض تسوية وضعية أصحاب عقود ما قبل التشغيل، تتجّه السلطة تدريجيًا لاستيعاب أعداد منهم في مناصب شغل، بوضع آليات لدعم المؤسسات الاقتصادية المدعوة لامتصاص اليد العاملة وتقليص نسبة البطالة عبر مقاربات تتلاءم واقتصاد المعرفة لاسيَّما عبر المؤسسات الناشئة الصغيرة والمتوسطة.

وأشاد رئيس الجمهورية بجهود المؤسسات لحماية مناصب الشغل والأجور وباقتحام الشباب لعالم المقاولاتية وخلقهم فرصا للاستثمار والثروة، الأَمر الذي يستوجب المزيد من التشجيع والتحفيز على الانخراط في نمط اقتصادي جَذَّاب يمتص أعباء البطالة، التي قال إنّه يسعى بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة للتخفيف منها بالموازاة مع تعزيز مكانة العمل خاصة الطبقة المتوسطة والهشة بالمحافظة على القدرة الشرائية لديها، وضمان ديمومة الحماية والتغطية الاجتماعية لكافَّة فئاتِ العمّال والمتقاعدين.

وأكّد الرئيس تبون أنّ الإرادة السياسية ازدادت صلابة من أجل تسريعِ الانعاشِ الاقتصادي في سياق حوارٍ واسعٍ مع الشركاء الاجتماعيين والمتعاملين الاقتصاديين، وفاءً لما قطعه منذ أكثر من سنتين بالإعداد لدخول الجزائر في حَركيّـةٍ اقتصادية مُتحرِّرةٍ من قيود البيروقراطية، ومن مُمَارسات الانتهازيين المُفسدين، وأقرّ أنّ الأوضاعُ الطارئة بِفعل وباء كورونا، حالَتْ دون تحقيـقِ بعضِ أهدافه، في الآجال المرسومة سابقًا.

وحيا رئيس الجمهورية، العمال الجزائريين رجالاً ونساءً، على عميق انخراطهم في جهود التنمية الاقتصادية، وسط تطلع الحكومة لرفع المستوى المعيشي وتحسين القدرة الشرائية للعمال في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الجزائر والعالم ككل.   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى