الجزائر

مراجعة قانون الممارسة النقابية … تعزيز وتكييف وتجدّد

تشكّل مراجعة قانون الممارسة النقابية في الجزائر، لبنةً إضافية على درب تعزيز وتكييف وتجديد العمل النقابي في الجزائر وتقوية مكانتها في المحافل الدولية، كما يمثّل التعديل تجسيداً للالتزامين السابع والثامن من التعهدات الانتخابية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والمتعلقين بتعزيز الديمقراطية التشاركية وبناء مجتمع مدني حرّ ونشيط وقادر، وحمايةً لحقوق العمال دفعاً لعجلة التنمية الوطنية.

أتى مشروع النص المعدّل والمتمّم للقانون رقم90-14  المؤرخ في الثاني جوان 1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، ليؤكد مرة أخرى، الإرادة القوية للسلطات العمومية للرقيّبصرح المنظومة التشريعية للعمل النقابي، ودعم الترسانة القانونية الهامة التي تزخر بها بلادنا في مجال الحقوق والحريات والتي كرّسها التعديل الدستوري الأخير سنة 2020، ولاسيما أحكام المادة 69 منه.
وترمي التعديلات المدرجة على القانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، إلى “تعزيز الحقوق المكتسبة للعمال”، بتكييف أحكام هذا النص مع الاتفاقية الدولية للعمل رقم 87، والمتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، كما يأتي هذا النص، ليسمح للنقابات العمالية بـ “تشكيل فيدراليات واتحادات وكونفدراليات، بغض النظر عن المهنة والفرع وقطاع النشاط التي تنتمي إليه”، ويوفّر النص ضمانات قانونية تخوّل لـ “العمال الأجراء ولأرباب العمل تأسـيس منظمات نقابية بكـل حريـة دون تمييز للدفاع عـن مصالح أعضائها المادية والمعنوية”، وعلاوة على ذلك، تكفل هذه التعديلات “حماية المندوب النقابي ضد أي قرار تسريح تعسفي يرتبط بممارسة الحق النقابي”، من خلال آليات إضافية تمكّن من إعادة إدماجه القانوني في حالة رفض المستخدم ذلك”.

وتركّز التعديلات الخاصة بأحكام المادة 56، أساساً على “توفير حماية خاصة للمندوبين النقابيين أثناء ممارسة عهدتهم وحمايتهم من أي إجراء تعسفي عند ممارسة وظائفهم التمثيلية، وذلك طبقاً لقانون الإجراءات المدنية والإدارية في مجال الدعوى القضائية”، كما شدّد النص “العقوبات ضدّ المخالفين”، عبر تعديل أحكام المواد 59، 60 و61، لتصبح أكثر ردعاً في حالة “عرقلة حرية ممارسة الحق النقابي أو المساس بحماية المندوبين النقابيين”.

من جهة أخرى، شدّدت الحكومة على أنّ النص يصبو إلى “منح الحريات النقابية إطاراً قانونياً متقدماً وملائماً لمهام المنظمات النقابية انسجاماً مع المعايير الدولية للعمل”.

وأكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، يوسف شرفة، مؤخراً، أنّ مشروع مراجعة قانون الممارسة النقابية أتى “نتاج استشارة واسعة وتضافر جهود جميع ممثلي القطاعات الوزارية والمنظمات النقابية للعمال وأرباب العمل الأكثر تمثيلاً على الصعيد الوطني إلى جانب خبراء مكتب العمل الدولي”.

وذكر ممثل الحكومة أنّ تعديل وتتميم بعض أحكام القانون رقم 90-14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، جاء “تكييفاً لتشريعنا الوطني مع التشريع الدولي وموائمة لالتزامات الجزائر بالتكفل بالقرارات الصادرة عن لجنة تطبيق المعايير الدولية للعمل خلال الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي المنعقدة في جوان 2019”.

التجاوب مع المتغيرات

تعدّ الحرية النقابية مكرّسة في أحكام المادة 69 من الدستور ومقنّنة بموجب أحكام القانون محل التعديل والتتميم، والمستند إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها الجزائر، لاسيما الاتفاقية رقم 87 حول الحرية النقابية وحماية الحق النقابي لسنة 1948.

غير أنه، وبالنظر للزيادة المسجلة في أعداد المنظمات النقابية مقارنة بالتغييرات العميقة الاجتماعية والاقتصادية، بقيت وتيرة التجاوب والتكيف مع هذه التغييرات بطيئة، مما جعل العمل النقابي يفتقد للديناميكية”، وهو ما دفعإلى إدراج قواعد جديدة لتطوير العمل النقابي،تبعاً لأنّ النقابات تعتبر إحدى التشكيلات أو التنظيمات الاجتماعية التي تكتسي الأهمية والتأثير في عالم الشغل، وإحدى المؤشرات التي تعكس مستوى التنمية في البلاد.

وحدّد مشروع النص الخاص بقانون الممارسة النقابية، شروط تأسيس الفدراليات والاتحادات والكونفدرالية، حيث اشترط لتأسيس الفدرالية أن تتكون من ثلاث منظمات نقابية مسجلة على الأقل للعمال الأجراء أو للمستخدمين المؤسسة قانونا ومن فدراليتين على الأقل أو خمسة منظمات نقابية مسجلة على الأقل لتأسيس اتحاد أو كونفدرالية نقابية للعمال الأجراء أو المستخدمين.

ويسمح هذا التعديل لـ “المنظمات النقابية القاعدية من الانضواء في تجمعات نقابية”، وهو ما يتيح – بحسب الوزير شرفة -“ضمان الحقوق الأساسية في العمل للجميع فضلاً عن تطوير أطر الحوار الاجتماعي، وبناء قدرات الشركاء الاجتماعيين”.

رهان التمثيل الحقيقي

حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون على توجيه الحكومة لإثراء محتوى مشروع قانون الممارسة النقابية، من خلال التشاور والنقاش مع المهنيين، وأكّد الرئيس مرارً على ضرورة “مراعاة مشروع القانون للتمثيل الحقيقي للنقابات والالتزام بترقية الجانب الاجتماعي والمهني للعمال بعيدا عن النزعات السياسوية التي أفرغت العمل النقابي من روحه الحقيقية”، كما وجّه رئيس الجمهورية الحكومة لتحضير قوانين أساسية قطاعية “تجنباً للتعقيدات التي تسير بها القطاعات ضمن منظومة قانون الوظيف العمومي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى