سفينة “الشباك” فخر الصناعة الحربية الجزائرية إبان العهد العثماني
أجمع باحثون, اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة, في تظاهرة علمية بالمتحف العمومي الوطني البحري حول سفينة “الشباك” التي اشتهرت بها البحرية الجزائرية إبان العهد العثماني, أن هذه الأخيرة كانت “قوة البحرية الجزائرية الضاربة وفخر الصناعة الحربية الجزائرية”.
واعتبر المتدخلون أن “الشباك”, التي برزت بمدينة الجزائر منذ القرن السابع عشر, كانت “جوهرة” الأسطول البحري الجزائري إبان العهد العثماني بفضل “شكلها المتناسق وسرعتها, ما جعل منها إحدى القطع الأساسية في تركيبة البحرية الجزائرية آنذاك” في مواجهة القوى المسيحية الأوروبية المعادية.
وقال الباحث بالمركز الوطني للدراسات والبحث في التاريخ العسكري الجزائري, عبد الهادي رجائي سالمي, أنه “ابتداء من منتصف القرن السابع عشر وإلى غاية القرن التاسع عشر كانت الشباك ركيزة الغزو البحري الجزائري” في البحر المتوسط, بفضل “خصائصها الهندسية والفنية المبهرة”.
وأوضح المتحدث أن هذه السفينة كانت “تعتمد في تحركاتها السريعة على قوة الريح بفضل أشرعتها المثلثة الشكل والموزعة على ثلاث صواري مختلفة الطول وكذا القوة البدنية ممثلة في المجاديف التي كانت تسمح لها بالانسياب بسرعة بين سفن العدو”, مضيفا أنه “وبالرغم من حجمها الصغير إلا أنها كانت قادرة على حمل أكثر من 30 مدفعا ..”.
واعتبر رجائي أن “قوة” هذه السفينة و”الانتصارات الكبيرة” التي حققتها جعل “الأوروبيين والأمريكيين والروس وغيرهم يتناقلون تقنيات وفنيات صناعتها عن الجزائريين حيث استعملوها في الحروب فيما بينهم وأيضا بينهم وبين الجزائريين والعثمانيين ..”.
ولفت إلى أن الدولة العثمانية “كانت تساعد الجزائر في صناعة الشباك من خلال تقديم الدعم والمعدات ..”, مضيفا أن “الجزائريين قد وصلوا بها إلى غاية سواحل شمال البرتغال وإنجلترا بعد إجراء بعض التعديلات على أشرعتها بما يتلاءم وطبيعة المحيط الأطلسي ..”.
واعتبر من جهته الأكاديمي بجامعة جيلالي بونعامة بخميس مليانة بولاية عين الدفلى, أمين محرز, أن “الشباك” كانت “أسرع سفينة في البحر المتوسط في القرن ال18”, مضيفا أن “دورها كان حاسما في كسر شوكة الممالك الأوروبية المعادية والقرصنة التي كانت تمارسها في البحر المتوسط ..”.
وتم خلال اللقاء عرض نموذج مصغر ل “الشباك” بحوض أميرالية الجزائر, بإشراف من الأكاديمي بقسم الهندسة البحرية بجامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف بوهران, أمين رحاتي, الذي قدم بعدها مداخلة حول التقنيات الهندسية التي ميزت هذه السفينة عن بقية السفن الجزائرية المهمة آنذاك ك “الغالية” و”الغليوطة” وعن السفن الأوروبية أيضا.
وأشار رحاتي إلى أن “الشباك” ظهرت “في الجزائر بعد معركة ليبانت في 1571” التي خاضتها القوى المسيحية الأوروبية ضد العثمانيين والجزائريين في تاريخ “غير معروف بالضبط”, مضيفا أن “الجزائر كانت “المركز العلمي والتقني لصناعة هذه السفينة والسفن عموما في الحوض الجنوبي للمتوسط”.
وقالت من جهتها مديرة المتحف العمومي الوطني البحري, مقراني بوكاري آمال, أن البحرية الجزائرية “عرفت مجدها بفضل هذه السفينة الصغيرة التي كانت مخصصة في بداياتها للصيد وتطورت خلال الفترة العثمانية لتصبح سفينة حربية بامتياز يميزها الإبحار في ظروف مناخية صعبة والهجوم على السفن العدوة ..”.
وأضافت أن هذه السفينة قد “اختفت تماما مع مجيء الاستعمار الفرنسي الذي لم يترك أي أثر عليها ..”, وأن المتحف أراد من خلال هذه التظاهرة “إعادة إحياء تراث وتاريخ هذه السفينة ودورها في صناعة مجد الجزائر, وهذا بهدف استرجاع ذاكرتنا وثقافتنا وتاريخنا”.
وختمت المديرة بالقول أن المتحف البحري “يهتم بالتاريخ الذي يربط الجزائري بالبحر, مع التركيز خصوصا على التاريخ الذي يتكلم عن البحرية الجزائرية الضاربة إبان العهد العثماني”.