اللجنة المختلطة الجزائرية المجرية ستفتح أفاق جديدة للشراكة بين البلدين
أكد وزير الفلاحة والتنمية الريفية، محمد عبد الحفيظ هني، اليوم الجمعة ، ببودابست (المجر)، أن الدورة الثالثة للجنة المختلطة الجزائرية المجرية من شأنها فتح أفاق جديدة للشراكة بين البلدين، حسبما أفاد به بيان صادر عن ذات الوزارة.
وفي كلمة للسيد هني بمناسبة انعقاد هذه الدورة، قال أن “عقد هذه الدورة لا يهدف لتقييم التعاون بين الجزائر و المجر فحسب بل أيضا لتحديد مجالات أخرى للتعاون وفتح أفاق جديدة للشراكة”.
وأبرز ما يلي: “إن الإرادة التي تحذو بلدينا والنوايا الطيبة التي تدفعهما إلى تطوير تعاون مثمر ومتنوع ومستدام ومتبادل المنفعة، لا بد أن تتكلل من خلال تنفيذ مشاريع ملموسة من شأنها تثمين إمكانياتنا واستغلال أوجه تكاملنا لمواجهة التحديات الاقتصادية المشتركة في سياق دولي متأزم نتيجة إرهاصات الأزمة الوبائية العالمية وانعكاسات النزاع الأوكراني- الروسي، خاصة من منظور الأمن الطاقوي والغذائي”.
كما ذكر الوزير بالمناسبة، أن أواصر الصداقة والتضامن بين الجزائر والمجر يعود تاريخها إلى ثورة التحرير الجزائرية حيث تعززت في السنوات الأخيرة بفضل الإرادة المشتركة لقادة البلدين الصديقين.
ولفت ان العلاقة بين البلدين “ليست تاريخية فحسب، بل هي علاقات خاصة قادرة على توجيه العمل المشترك مستقبلا”.
واعتبر السيد هني في سياق متصل ان” انعقاد أشغال هذه الدورة الثالثة للجنة المختلطة الجزائرية المجرية، بعد عقد دورتين، كانت آخرهما في ديسمبر 2017 بالجزائر، يعكس، من دون شك، صلابة علاقة الصداقة التاريخية بين البلدين.
وأضاف ان هذه الدورة تعد لبنة أساسية في تجسيد أسس تعاون قوي ومجدي ومستدام مما سيسمح يقينا من دراسة ومناقشة جميع السبل والفرص التي من شأنها إعطاء دفع قوي للعلاقات الثنائية.
وأكد في ذات السياق، ان الوفد الجزائري، يظل حريصا وعازما على المضي قدما في تعزيز العلاقات الثنائية من خلال إعطائها النفس الجديد مضيفا أنه سيتم العمل على ترسيخ استمرارية الثقة والصداقة التي طالما ميزت العلاقات القائمة بين البلدين.
وقال ان “الجزائر والمجر يزخر كلاهما بموارد وإمكانيات معتبرة إلا أن التعاون الاقتصادي والفني لا يزال دون هذه الإمكانات، لذا يتوجب تثمينها واستغلالها بشكل أمثل وذلك من خلال تجسيد مشاريع شراكة ذات الاهتمام المشترك بغرض خلق الثروة واستحداث الوظائف في المجالات المتعددة”.
وأشار إلى أن الجزائر قد شرعت في الفترة الحالية في تنفيذ برنامج جديد للإنعاش الاقتصادي يرمي إلى بعث اقتصاد قوي ومتنوع مدر للثروة ولمناصب للشغل حيث يولي هذا البرنامج أولوية لمشاريع الشراكة والاستثمار الأجنبي المباشر مع الانفتاح على السوق الدولية.
وأضاف في نفس الاطار ان “حكومة الجزائرية اعتمدت على قوانين جديدة لتنظيم النشاط الاقتصادي كقانون الاستثمار الذي أثار اهتمام العديد من الشركات والشركاء الدوليين الراغبين في الاستثمار في الجزائر خاصة وأن السوق الجزائرية التي تتسم على وجه الخصوص بتكلفة الطاقة المنخفضة والقوى العاملة المؤهلة مع توفر آفاق تصديرية واعدة للمستثمرين الأجانب”.
وتابع انه ” لغرض تحقيق أهدافها، فإن الجزائر ستقوم بإشراك متعامليها الدوليين الرئيسيين الذين سيكون لهم دورا متميزا ومن بينهم المجر على وجه الخصوص والمدعو لأخذ المكانة التي يستحقها في هذا الإطار”.
وأبرز السيد هني بقوله ان “إقامة شراكة ذات منفعة متبادلة ما بين الجزائر والمجر تمر حتما من خلال دعم الاستثمارات الثنائية ونقل التكنولوجيا والخبرة مضيفا أنه لتحقيق هذا المسعى، ينبغي العمل سويا لتسهيل علاقات الأعمال ما بين المتعاملين الاقتصاديين لكلا البلدين”.
وأعرب في ذات السياق عن امله ان يتم عقد “في أقرب الآجال الممكنة الدورة الثانية لمجلس الأعمال الجزائري-المجري من أجل أن يجتمع من جديد منظمات أرباب العمل لكلا البلدين و كذا الغرف التجارية ورؤساء الشركات من أجل توجيه وتحديد وكذا تثمين فرص الشراكة والاستثمار المتاحة لكلا البلدين”.
وأكد الوزير على الدور الذي “لايستهان به” و الذي سيلعبه رجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين لكلا البلدين سواء العموميون أو الخواص داعيا اياهم “لتكثيف اللقاءات والتظاهرات والمعارض ذات الطابع الاقتصادي من أجل تجسيد مشاريع للشراكة والاستثمار بغية استغلال قدرات البلدين الاقتصادية والاستجابة لتطلعات الشعبين”.
أما في المجال الفلاحي، ذكر السيد هني ان الجزائر قد تبنت إستراتيجية واضحة المعالم بهدف ضمان استقلاليتها الغذائية والتوجه نحو تصدير المنتجات الفلاحية مضيفا انه من خلال هذا المسعى فان الجزائر على استعداد لتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات الفلاحية والصناعات الغذائية”.
وثمن الوزير، بهذه المناسبة ” الإمكانات التي توفرها الشراكة في مجالات واعدة مثل التحسين الوراثي للإنتاج الحيواني وإنتاج الألبان وتطوير تربية الأبقار الحلوب وتربية الدواجن والأعلاف والبذور والشتلات وحماية الصحة البيطرية والصحة النباتية.
ولفت انه “يبقى تطوير مشاريع التعاون والشراكة في هذه المجالات مرتبطا بإقامة علاقات مباشرة بين المؤسسات والمنظمات المهنية التابعة للقطاع”.
وبخصوص قطاع الموارد المائية، قال السيد هني بأن” فرص التعاون والشراكة بين البلدين كثيرة وواسعة و خاصةً في مجالات الإدارة الرشيدة للمياه وتنمية المياه البديلة وغير التقليدية.
وذكر في ذات السياق ان الجزائر و المجر كانا قد أمضيا في ديسمبر 2021 في بودابست على اتفاق تعاون لتقاسم التجارب والخبرات في هذا الميدان.
أما في قطاع الطاقة، أكد الوزير بأن الجزائر على استعداد لتعزيز الاتصالات ما بين شركات البلدين بغية دراسة الإمكانيات وفرص وكذا سبل التعاون والشراكة بما في ذلك الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة مضيفا ان “التعاون في مجال المناجم يمثل أيضا إحدى القطاعات الهامة التي يستوجب تعميقها بين الجزائر والمجر”.
وأشار السيد هني كذلك إلى “فرص التعاون والشراكة المتاحة في مجال الصناعة بحيث يتوجب على مسؤولي ومهنيي البلدين تشخيصها كأولويات تحظى بالاهتمام المشترك وتحديدها كأهداف للمصالح المتبادلة.
و بخصوص المجال السياحي، قال الوزير ان المجر يملك المؤهلات السياحية سواء مؤهلات السياحة العلاجية والاستجمام وتسيير المحطات المعدنية أو التكوينية وبالتالي فإن ميادين وفرص التعاون متوفرة ومتاحة تنتظر فقط تشخيصها واستغلالها من طرف مسؤولي ومهنيي القطاع.
وأكد في ذات السياق أن الجزائر تتوفر اليوم على مؤهلات سياحية سواء تعلق الأمر بالاستثمار السياحي أو للاستمتاع بسياحة نوعية تتطابق مع المعايير الدولية.
و عبر الوزير عن امله لترقية التبادلات السياحية بين البلدين وذلك من خلال “عمليات الاتصال والترويج التي تقع على عاتقنا والتي سنقوم بتجسيدها بمساهمة سفاراتنا والمتعاملين المتخصصين في مجال السياحة”.
وقال انه سيتم في هذا السياق، تنظيم التظاهرات الثقافية في كل من البلدين للمساهمة الفعلية والأكيدة للتعريف الأمثل بالقيم الثقافية والتراثية لكلا البلدين.
“و في مجال التعليم العالي، وباعتبار العامل البشري أساس أي تعاون ناجح، فإنه سيساهم في تطوير التبادلات ما بين الجامعات والتي ستسمح لطلابنا بالاستفادة من التقدم الذي أحرزه بلدينا في هذا القطاع وكذا الاستفادة من فرص التكوين”، يؤكد السيد هني.
“لذا نسعى في هذا الإطار إلى تكثيف التعاون العلمي والتكنولوجي من خلال تبادل الباحثين وبرامج البحث بين المعاهد والمراكز البحثية في كلا البلدين إضافة إلى مضاعفة المنح الدراسية لصالح الطلبة والباحثين الجزائريين في الجامعات المجرية”، يضيف ذات المتحدث.
كما أشار السيد هني إلى إمكانات التعاون ما بين البلدين في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال لاسيما فيما يخص الإنتاج والتبادل بين المؤسسات الجزائرية ونظيراتها المجرية بهدف الاستفادة من تجارب كلا البلدين.
و بعد ان أشاد بجهود المسؤولين و الخبراء خلال اجتماعاتهم أمس الخميس و التي انكبت على دراسة نص محضر هذه الدورة معتبرا أن هذا المحضر الذي سيتم التوقيع عليه اليوم الجمعة،” يعتبر خطوة إضافية في الاستجابة لتطلعاتنا وعمق إرادتنا في إطلاق تعاون استراتيجي بين بلدينا”.
وأضاف أن هذا المحضر “سيمثل دون شك خارطة طريق طموحة للأشهر القادمة والتي سيتم تجسيدها من قبل القطاعات التي بادرت باقتراحات التعاون هذه بغرض ترجمة إرادتنا السياسية المشتركة إلى مشاريع تعاون وشراكة ملموسة تخدم مصالحنا المتبادلة”.
وفي الختام، جدد السيد هني “تأكيد حرص الجزائر على تعزيز التعاون مع المجر في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وقال ما يلي:” أعتقد أنه من واجبنا المشترك كمسؤولين من الحكومتين التعاون بشكل وثيق من أجل زيادة حجم التجارة وتمهيد الطريق لمزيد من الاستثمارات المجرية المباشرة في الجزائر لاسيما في قطاعات مثل الزراعة والصناعة والطاقة”.
كما عبر عن امتنانه للوفدين على العمل الدؤوب لاستكشاف مجالات أوسع للتعاون مؤكدا التزام الجزائر الثابت بإقامة تعاون استراتيجي مع المجر لصالح البلدين الصديقين.