صارع “السرطان” و اعتبره نقطة تحول إيجابية في حياته: خالد بوداوي…. قصة كفاح و رمز للتحدي
ينطبق عليه البيت الشعري لأنس الحجري القائل:
ستمطر الأرض يوما بعد شحتها …….. و من بطون الأسى يولد الأمل
إنه خالد بوداوي إبن الباهية و هران صحفي سابق، كاتب و روائي حاليا. منذ عشر سنوات تم تشخيصه بورم خبيث، و الذي اعتبره رغم كل الصعوبات نقطة تحول إيجابية في حياته التي مكنته من تفجير العديد من الطاقات في مجالات مختلفة، ذلك ما سنتعرف عليه من خلال هذا الحوار الذي استهله بمقولة “إن الحياة قصيرة، إما أن تعيشها ضاحكا سعيدا أو باكيا تعيسا، أنا قررت أن أعيشها مسرورا”.
من هو خالد بوداوي؟
خالد بوداوي 40 سنة من مدينة وهران متزوج و أب لطفلين شيماء و خليفة متحصل على شهادة ليسانس في العلوم الاجتماعية بجامعة وهران، صحفي سابق، دخلت مجال الكتابة منذ سنة 2019 ، ماراثوني و مشروع مسرحي مستقبلا.
حدثنا عن مسارك المهني ؟
كنت مهتما بالتراث اللامادي و في سنة 1999/2000 دخلت عالم الصحافة حيث فتحت لي جريدة الجزائري الأبواب. في سنة 2007 أطلقت رفقة صديق لي “يرحمه الله” أول باقة راديو ويب بالجزائر حيث كانت في تلك الفترة 7 سبعة قنوات إذاعية عبر الويب فقط إلا أن هذه التجربة لم تكن ناجحة بالجزائر مقارنة بالخارج لأن نسبة تدفق الانترنيت لم تكن بالكافية. و تم توقيف المشروع مع سنة 2009 إلى 2010 خاصة مع بداية تدهور حالتي الصحية. كما كانت هنالك أيضا تجربة ثانية أين أطلقت “مرجاجو FM” عبر الويب و التي كانت تجربة ناجحة جدا و كان لها حوالي 25.000 مستمع يوميا، حيث كنا أول إذاعة تقوم بالبث المباشر عبر النت، كانت الإذاعة تقدم حصص معروفة و لها صدى كبير و بالرغم من أن هذه الإذاعة لا تزال تعمل إلى حد الآن إلا أنني مع المرض لم استطع مواصلة المهام. و ليس من المستبعد أن أعود إلى الميدان مستقبلا مع مشروع جديد.
تشخيصك بمرض السرطان
” إصابتي بالورم الخبيث” يعتبر من أصعب المواقف التي مررت بها في حياتي.
تم تشخيصي بالمرض سنة 2010 و بعد سنتين من العلاج تفاجأت بالطبيب المعالج يخبرني بدنو أجلي لأن الورم في مرحلة جد متطورة. وقعت في حيرة من أمري كيف سأخبر زوجتي و عائلتي بالموضوع. المرض غير مسار حياتي و أعطاها منعرجا آخرا. لم اقطع الأمل و لم استسلم فانتقلت إلى العلاج بمرسيليا “فرنسا” . في البداية كانت الوضعية جد صعبة خاصة نظرة المجتمع الجزائري إلى هذا المرض الخبيث الذي يعتبر نهاية العالم بالنسبة للبعض ، و لكن مع مرور الوقت قلت في نفسي أنه لابد أن أستغل وقتي و أن أترك أثرا إيجابيا في هذه الدنيا ، و حاولت جاهدا أن أغير في طريقة تفكيري بالمرض وذلك بتقبله و التعايش معه و هذا ما جعلني أقطع شوطا كبيرا منذ تلك الفترة إلى غاية اليوم. و خلال التسع سنوات الماضية قد قمت بالعديد من الأعمال التي أقم بها من قبل .
حكايتك مع الماراثون
قبل المرض كنت أمارس رياضة كرة القدم فقط .. لكني اليوم شاركت في العديد من الماراثونات و بمسافات مختلفة رغم وضعيتي الصحية.
خلال فترة علاجي أخبرني الطبيب أنه لابد من تقوية العضلات المقربة الأمر الذي استلزم متابعة من قبل مدرب رياضي و بعد حصص و متابعة قمت بالعدو نحو 300 متر و سقطت أرضا و لم استطع المواصلة. و يوما بعد يوم بدأت بزيادة المسافة الواجب قطعها لأصل إلى واحد كيلومتر. و مع الطبيب المعالج بمرسيليا اقترح علي الانضمام إلى أحد النوادي و الذي اعتبره من أحسن النوادي بفرنسا حيث حظيت بتكفل جيد بالإضافة و مع توفير محضر بدني و كافة الامكانيات التي تمكنت من خلالها بالمشاركة في السباقات 10 كم و 20 كم و التي كانت بمثابة تحدي. وصلت للماراثون حيث كنت أركض في أحد الأيام و قلت في نفسي أنه في حال تحسني سوف أشارك في إحدى ماراثونات بباريس، لأحقق بعدا الحلم فعلا و شاركت في42 كم و 192 متر و التي تعتبر أصعب مسافة بعد 42 كم . كما تحصلت بالمناسبة على عديد الميداليات كمشاركتي في ماراطون حيث احتليت المرتبة الـ8000 من ضمن 56000 مشترك.
كيف دخلت مجال الكتابة؟
من تحدياتي خلال هذه الفترة هي كتابة رواية. كتبت الأولى باللغة العربية نظرا لإتقاني للغة الضاد و بعد كتابة 5 صفحات قلت أن هذا ليس تحديا لأنني متمكن في اللغة العربية ، لأحاول بعدها الكتابة باللغة الفرنسية على الرغم من أنني لم أكن أجيد هذه الأخيرة بأبجدياتها الأمر الذي جعلني أقتني روايات لكتاب مشهورين، و بعد أشهر من التعلم و المطالعة و مساعدة بعض الأصدقاء بدأت في كتابة أول رواية ” العيش في الأنا المزدوج” و التي كانت مليئة بالأخطاء التي تم تصحيحها لأقوم بإنهائها في الأخير و صدرت سنة 2019 في فرنسا فقط لأنني بعثت عدة ردود إلى الجزائر و لم أتلقى جوابا. و تدور أحداث الرواية- التي قمت بين طياتها بتصوير الباهية وهران و إبراز معالمها و تاريخها نظرا لشغفي بهذه المدينة كبرت بها و احتضنتني أنا و عائلتي- حول شخص ولد بوهران في أربعينيات القرن الماضي من أب جزائري و أم فرنسية أي زواج مختلط . و يحمل الشخص إسم أمين كريستوف و تدلعه أمه بـ”أمين توف” ، حيث يعتبر من ناحية والده أمين و كريستوف من ناحية والدته كما ينادى من طرف عائلة والدته بإبن العربي و من ناحية والده بإبن الفرنسية. و ظل يعايش أمين هذه الوضعية المزدوجة حتى ما وراء الاستقلال ظنا منه أنه سينتهي من هذه المشكلة إلا أنه لم يجد هويته لا في الجزائر و لا في فرنسا.
أما الرواية الثانية و التي تحمل ” منبوذ الأمس أصيل اليوم ” فهي تختلف تماما عن الرواية الأولى و التي تلقت بعض الانتقادات حيث وصفها البعض بالعنيفة لأنها تسرد مآسي العشرية السوداء بالجزائر. و تدور أحداث الرواية حول طفل يعيش ظروفا جد قاسية في أحد القرى بالجهة الغربية بوهران و في أحد الأيام ينتمي إلى الجماعات المسلحة كما تسرد الرواية ظروف معيشته و كيف استغل في الألفينيات ظروف المصالحة الوطنية ليتعايش مع الوضعية الجديدة.
هذا و لقيت الروايات صدى لدى المجتمع خاصة بفرنسا حيث شاركت في العديد من المهرجانات و الصالونات كما كانت نسب المبيعات بفرنسا أكثر من الجزائر.
ما هو أول عرض مسرحي
كنت دائما ما أنظر إلى مرضي انه شيئ ايجابي لأنه حفزني للقيام بالعديد من الأعمال كالكتابة و المارثون و التعرف على العديد من الأشخاص. و مع غلق الحدود بسبب فيروس كورونا قمت بتحدي آخر و هو دخول عالم المسرح . غالبا ما كنت أسأل أحد الأصدقاء المقربين لي أن يجد لي مكانا لولوج هذا العالم فقد قام بدوره بتعريفي على جمعيتين ثقافيتين ألا و هما قطار الفن و إبداعات الشباب اللذان جعلاني أشاركهما خشبة المسرح و لعبت أول عرض بمسرح عبد القادر علولة.
ممن تلقيت الدعم؟
أول شيء تلقيت الدعم الكبير من الزوجة الفاضلة الإخوة و الأخوات و الأصدقاء.
ما هي مشاريعك المستقبلية ؟
هنالك العديد من المشاريع فانا بصدد كتابة رواية ثالثة ، و ميديا بالجزائر و ربما كتابات مسرحية أيضا التي لا تزال كفكرة لم تجسد بعد.
هدفك في الحياة
هدفي في الحياة هو ترك بصمة إيجابية كما أوجه رسالة لكن إنسان هي أنه يجب النظر للحياة من زاوية ايجابية لأنه حتى في الجانب السلبي تكون هنالك نقطة إيجابية إن حسن استغلالها يمكننا من خلالها تغيير نمط حياة.
كلمة لجريدة الشباب الجزائري
أتوجه بالشكر الخالص إلى الجريدة التي فتحت لي المجال لسرد قصتي و التي آمل أن تكون عبرة و نقطة أمل للكثيرين.
حاورته: زيدان.ن