الجزائر

تشريعيات: بداية عهدة جديدة في مسار التغيير واستكمال بناء دولة المؤسسات

يدشن المجلس الشعبي الوطني الذي ستفرزه انتخابات 12 يونيو المقبل، الفترة التشريعية التاسعة التي تأتي في ظرف استثنائي ميزه إقدام رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على حل المجلس السابق والإعلان عن انتخابات مسبقة قبل موعدها المقرر سنة 2022.

وجاء قرار الرئيس تبون بحل المجلس السابق والإعلان عن تشريعيات مسبقة في خطابه للأمة يوم 18 فبراير المنصرم، استجابة لمطالب الحراك الشعبي ل22 فبراير 2019 و من أجل “المرور مباشرة إلى انتخابات خالية من المال الفاسد أو غير الفاسد، تفتح أبوابها للشباب” حتى يكون لهذه الفئة “وزنها السياسي” الذي يمكنها من اقتحام المؤسسات المنتخبة.

وأضاف رئيس الجمهورية أنه بهذه الكيفية “نكون قد شرعنا في التغيير من خلال ضخ دم جديد في أجهزة الدولة وفي البرلمان الذي سيكون لسان وعين الشعب بصفة عامة”.

وعقب هذه الخطوة، أمضى الرئيس تبون يوم 11 مارس المنصرم، مرسوما رئاسيا يتضمن استدعاء الهيئة الناخبة ليوم 12 يونيو لانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني وذلك طبقا لأحكام الدستور.

وما يميز انتخاب نواب المجلس الشعبي الوطني الجديد كونه جاء ضمن مسار سلسلة من الإصلاحات باشرها الرئيس تبون منذ انتخابه على رأس البلاد يوم 12 ديسمبر 2019، من بينها على وجه الخصوص إعداد دستور جديد للبلاد، زكاه الشعب الجزائري خلال الاستفتاء الشعبي الذي نظم في الفاتح نوفمبر 2020، وكذا إعداد قانون جديد للانتخابات، حمل العديد من المستجدات التي تنظم مختلف المواعيد الانتخابية وفي مقدمتها التشريعيات الحالية، الى جانب تقسيم اداري رفع عدد ولايات الوطن الى 58 ولاية.

وبموجب هذا القانون، سيشهد اقتراع 12 يونيو المقبل “تغييرا جذريا” من خلال تبني نمط انتخاب جديد يتمثل في طريقة الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة والتي من شأنها تكريس خيار الناخب وإيصاد الباب أمام المال الفاسد.

وتنص المادة 191 من قانون الانتخابات على أن نواب المجلس الشعبي الوطني ينتخبون “لعهدة مدتها خمس (5) سنوات بطريقة الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة وبتصويت تفضيلي دون مزج”، ويجب أن تتضمن قائمة المترشحين “عددا من المترشحين يزيد عن عدد المقاعد المطلوب شغلها بثلاثة (3) في الدوائر الانتخابية التي يكون عدد مقاعدها فرديا واثنين (2) في الدوائر الانتخابية التي يكون عدد مقاعدها زوجيا”.

وتمكن طريقة الاقتراع النسبي المعتمدة في عديد الدول، الناخب من التصويت لقائمة انتخابية وبإمكانه أيضا التصويت لاسم أو أكثر داخل القائمة. كما بإمكانه وضع إشارة بجانب اسم القائمة واسم أو أسماء المرشحين من هذه القائمة الذين يرغب في التصويت لهم، على اعتبار أن لكل قائمة اسم وشعار يميزانها عن غيرها من القوائم.

ولا يستطيع الناخب أن يصوت لأكثر من قائمة أو أن يصوت لقائمة معينة ومن ثم يصوت لمرشحين في قائمة أخرى، أو أن يصوت لمرشحين من قوائم متعددة، حيث ستكون ورقة الاقتراع في هذه الحالات ملغاة.    

وفي ذات السياق، اعتبر رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، أن قانون الانتخابات المعدل والمتمم يضمن “استقرارا أكبر وتوافقا أوسع”، ويحتوي على ضمانات إجرائية “تقدم حلولا فعالة للقضاء على الممارسات الفاسدة”.

وأضاف بأن وجود ضمانات اجرائية، مثل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والمعايير القانونية والسياسية الجديدة التي يأتي بها المشروع، “تقدم حلولا فعالة ومتناسقة تستهدف القضاء على الممارسات الفاسدة، كما يقدم المشروع مجموعة من نظم الرقابة القادرة على ضمان شفافية الاستحقاقات وشرعية المؤسسات المنتخبة”.

وتماشيا مع قانون الانتخابات الجديد، أصدر الرئيس تبون في شهر مارس الماضي، أمرا يحدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات البرلمان، حيث يحدد هذا الامر الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات أعضاء المجلس الشعـبي الوطـني (407 مقعد) وأعضاء مجلس الأمة المنتخبين، طبقا لأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.

وفي سياق متصل، من المنتظر أن تعرف تشكيلة المجلس الشعبي الوطني الجديد تنوعا في الاحزاب السياسية وفي ممثلي القوائم الحرة، و تواجدا لافتا للشباب بالنظر الى عدد المترشحين و لفاعليات الحملة الانتخابية التي اختتمت أمس الثلاثاء، بمشاركة 1483 قائمة منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة لمترشحين أحرار.

ويأتي حجم المشاركة الكبيرة في هذا الموعد ترجمة لأمر رئيس الجمهورية برفع حصة الشباب الجامعي إلى الثلث ضمن القوائم الانتخابية دعما للكفاءات الوطنية وخريجي الجامعات في كل ربوع الوطن، وحثه أيضا الجميع على تشجيع التمثيل النسوي في القوائم الانتخابية بالمناصفة والمساواة لإلغاء نظام المحاصصة، مع مراعاة التقسيم الإداري الجديد.

للإشارة فإنه طبقا  لأحكام المادة 133 من الدستور،”تبتدئ الفترة التشريعية وجوبا في اليوم الخامس عشر (15) الذي يلي تاريخ اعلان المحكمة الدستورية النتائج، تحت رئاسة أكبر النواب سنا وبمساعدة أصغر نائبين منهم”.

وبهذا الخصوص، “ينتخب المجلس الشعبي الوطني مكتبه وتشكل لجانه”، في حين تنص المادة 134 على انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني للفترة التشريعية وكذا الشأن بالنسبة لرئيس مجلس الامة.

المجلس الشعبي الوطني من الجمعية التأسيسية في 1962 الى العهدة التشريعية التاسعة

تولت السلطة التشريعية بالجزائر عقب الاستقلال، جمعية وطنية تأسيسية أقرها استفتاء 20 سبتمبر 1962 وتولى رئاستها فرحات عباس، وانتخب أول مجلس شعبي وطني سنة 1977 برئاسة رابح بيطاط، وسيتولى المجلس المنتخب في 12 يونيو القادم ممارسة هذه السلطة للعهدة التشريعية التاسعة في تاريخ المجلس الشعبي الوطني.   

وقدم فرحات عباس استقالته من رئاسة الجمعية الوطنية التأسيسية التي كانت تتشكل من 196 عضوا في أوت 1963 ،وتولى المنصب بالنيابة السيد حاج بن علة إلى غاية انتخابه في الفاتح أكتوبر من نفس السنة ،و أعيد انتخاب السيد بن علة لرئاسة الجمعية التأسيسية في ال7 اكتوبر 1964 بعد انتخابات ال20 سبتمبر1964.

وبلغ عدد نواب المجلس الشعبي الوطني خلال العهدة التشريعية الاولى (1977 / 1982 )، 273 عضوا برئاسة رابح بيطاط الذي أعيد انتخابه على رأس المجلس خلال العهدة الثانية (1982 / 1987 ) الذي ارتفع تعداده الى 285 نائبا، واعيد في فبراير 1987 انتخاب 296 نائبا بالمجلس الشعبي الوطني لعهدة تشريعية ثالثة من تاريخ البرلمان (1987 /1992) برئاسة رابح بيطاط الذي أستقال في أكتوبر 1990، وخلفه في منصبه نائبه عبد العزيز بلخادم الى غاية حل المجلس في 4 يناير 1992.

واضطلع بالمهام التشريعية بعد ذلك المجلس الوطني الانتقالي الذي يتكون من 192 عضوا معينا، وذلك من تاريخ من 18 مايو 1994 الى غاية 18 مايو 1997 وترأس هذا المجلس السيد عبد القادر بن صالح الذي أعيد انتخابه على رأس المجلس الشعبي الوطني للعهدة التشريعية الرابعة (1997/ 2002 ) بعد تشريعيات 5 يونيو 1997 ، وكان هذا المجلس يتكون من 380 نائبا.

ومارس العهدة التشريعية الخامسة (2002/ 2007) 389 نائب انتخب بالمجلس الشعبي الوطني في تشريعيات جربت بتاريخ 30 مايو 2002 ، كما انتخت كريم يونس لرئاسته في يونيو من نفس السنة، قبل ان يستقيل من منصبه في 3 يونيو 2002، وخلفه بعد ذلك عمار سعداني الى غاية نهاية العهدة التشريعية في مايو 2007 .

وفي 17 مايو 2007 تم انتخاب 389 نائبا بالمجلس الشعبي الوطني للعهدة التشريعية السادسة (2007 / 2012)، وتم خلال هذه العهدة انتخاب عبد العزيز زياري رئيسا للمجلس، فيما انتخب المجلس الشعبي الوطني الذي تولى ممارسة العهدة التشريعية السابعة (2017/2012) بتاريخ 10 مايو 2012 ، وارتفع عدد مقاعد المجلس خلال هذه التشريعيات الى 462 مقعد، وترأس المجلس خلال هذه العهدة محمد العربي ولد خليفة.

وانتخب المجلس الشعبي الوطني الذي تولى العهدة التشريعية الثامنة والأخيرة في 4 مايو 2017 ، وانتخب لرئاسته السعيد بوحجة ثم انتخب خلفا له معاذ بوشارب في أكتوبر 2018 الذي استقال من منصبه في جويلية 2019، ليتم بعد ذلك تزكية سليمان شنين على رأس المؤسسة التشريعية حيث مارس مهامه الى غاية حل المجلس بقرار من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.

للإشارة يتنافس في الانتخابات التشريعية ليوم 12 يونيو القادم على 407 مقعد بالمجلس الشعبي الوطني الجديد، 1483 قائمة منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة المترشحين أحرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى