أخبار محلية

من شأنها أن تنفخ الروح في جسد الولاية: مشاريع تنموية متأخرة واستثمارية غير مجسدة ومعالم سياحية بحاجة إلى الاهتمام

المتتبع للشأن التنموي المحلي بعاصمة الونشريس تيسمسيلت يدرك مدى التهميش التنموي والإقصاء الكلي من كل البرامج التنموية التي من شأنها أن تنفخ الروح في جسد هذه الولاية الفقيرة.

 و منذ أن تمت ترقيتها لمصاف الولايات سنة 1984 خاضت العديد من التجارب التنموية الفاشلة والتي تمخض عنها مخاض عسير أنجب البطالة والفساد والركود التنموي إلا أن جاء البرنامج الخماسي  لسنة 2014 و الذي سمح في تشخيص الواقع التنموي بالولاية التي تزخر بمؤهلات تجعلها قطبا فعالا في الاقتصاد الوطني، كونها تملك كل مقومات النهوض التنموي المتنوع و المتكامل وتمثل مخزونا استراتيجيا لتنمية مستقبلية واعدة توظف ما تملكه من بنى تحتية مهملة وإمكانيات سياحية غير مستغلة، ينقصها كثيرا من الاهتمام حتى تكون حاملة للتنمية بكل معنى وواقع تنموي معاش دون الوقوف جانبا بين واقع التحديات الصعبة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.  فولاية تيسمسيلت وإن كانت ذات طابع فلاحي بالدرجة الأولى، إلا أنه باستطاعتها الرهان على الاستثمار الصناعي الخالق للتنمية الاقتصادية، مع العمل على تطوير ما هو موجود حاليا واستغلاله بالطريقة الأنجع، خصوصا المناطق الصناعية التي تتوفر عليها الولاية والغير مستغلة، بفعل الصعوبة في استقطاب مستثمرين حقيقيين الأمر الذي دفع السلطات الولائية للتفكير في استرجاع أملاك الدولة، المتمثلة في القطع الأرضية التي استفاد منها بعض المستثمرين دون أن يحققوا أي استثمار بها، بالموازاة مع التفاوض مع أصحاب الاستثمار الجاد، وذلك بالترويج وشرح إمكانيات الولاية في مختلف المجالات في الجانب الاقتصادي، وبتطبيق الإجراءات الجديدة في مجال تشجيع الاستثمار وتوفير العقار الصناعي، لخلق حركية تنموية تعود بالفائدة على المنطقة ومن شأنها خلق مناصب شغل لشباب الولاية.

ولاية فلاحية بامتياز

 وقد سبق للسلطات بالولاية تكذيب بصفة قاطعة كل الاستنتاجات التي تشير إلى كون ولاية تيسمسيلت هي من أفقر ولايات الوطن معتمدة في تقاريرها على أن الولاية غنية بمواردها وطاقاتها، وشهدت تطورا ملحوظا مؤخرا، واستفادت من عدة مشاريع كبرى و تتوفر على الكثير من المرافق العمومية المنعدمة في الولايات الأخرى، رغم كون قطاع الفلاحة بالولاية، يبقى على رأس الأولويات خاصة وأن كل الظروف متوفرة والإمكانيات متاحة لجعل الولاية قطبا فلاحيا ذات إنتاج زراعي هام، فالإجراءات الميدانية التي اتخذتها الدولة في مجال الفلاحة سمحت بتطوير القطاع بصفة ملحوظة، بفضل الدعم الذي توفره الدولة للفلاحين سواء في العتاد أو في التمويل وغيرها، وهذا ما ساعد فئة الفلاحين بالاهتمام أكثر بنشاطاتهم التي عادت بالفائدة على القطاع سواء من حيث وفرة المنتوج أونوعيته، ليظل القطاع بآفاق واعدة أحد أهم الرهانات التنموية، خاصة ما شهدته خلال السنوات الفارطة من عملية سقي ما مساحته 1000 هكتار من الأراضي الفلاحية، انطلاقا من سد بوقارة كمرحلة أولى بعد تجربة سابقة أثبتت نجاحها لإنتاج البطاطا بالتعاون مع فلاحي ولايتي معسكر وعين الدفلى الرائدتين في إنتاج بعض الخضر وقطعت الولاية أشواطا كبيرة بحيث أن كل المؤشرات تؤكد أن الوضعية قد تحسنت كثيرا وساهمت بشكل كبير في تحسين الإطار المعيشي للمواطن، ودفع عجلة التنمية المحلية إلى التحريك بما يحقق الأهداف المنشودة، من خلال مختلف المشاريع الحيوية المبرمجة التي جسد منها البعض على أرض الواقع والبعض الآخر في طور التنفيذ، والتي سخرت لها اعتمادات مالية ضخمة كما هو الحال لمشروع خط السكك الحديدية الرابط بين تيسمسيلت وغليزان و تيسمسيلت وخميس مليانة والذي من شأنه تقليص المسافات وخلق منفذ هام نحو ولايات الوسط بالإضافة لمشروع الطريق المزدوج الذي يربط الولاية بالطريق السيار شرق غرب على مسافة 120 كلم. الأرقام المتوفرة تؤكد أن ولاية تيسمسيلت استهلكت منذ سنة 2000 قرابة 90 مليار سنتيم  في مختلف القطاعات ولتمويل المشاريع المتعلقة بتدعيم الإنعاش الاقتصادي خصوصا بعد استتباب الأمن وتوفير الاستقرار والأمن وهما العاملين الأساسيين لنجاح أي سياسية تنموية محلية وهو ما فتح عهدا جديدا لهذه المنطقة التي تزخر بموارد بشرية وطبيعية هامة بإمكانها أن تلعب دورا أساسيا في مشوار التنمية الوطنية. كما تمكنت ولاية تيسمسيلت من امتلاك حظيرة سكنية ضخمة تضاف إليها برامج إنجاز أكثر من 21 ألف وحدة سكنية في مختلف الأنماط انطلقت الأشغال بــ 5 ألاف وحدة  وقد ساهم ذلك في تخفيض حدة الأزمة السكن التي عرفتها الولاية في وقت سابق رغم النقص الكبير في المؤسسات المؤهلة، حيث تحوي الولاية على 240 مؤسسة إنجاز غير مؤهلة لهكذا برامج، وهو ما دفع بالسلطات للاستنجاد بمؤسسات وطنية كشركة جيني سيدار. وبقطاع الموارد المائية عرف هذا الأخير قفزة نوعية مع إنجاز سد كدية الرصفة الذي وصف بمشروع القرن والذي سمح بتزويد 14 بلدية بالماء الشروب وقضى على العطش الذي لازم هذه البلديات لعقود. أما بقطاع النقل الذي استفاد مؤخرا من مؤسسة عمومية للنقل الحضري وبدخول 7 حافلات حيز الخدمة تمكنت من حل المشكل ولو نسبيا ولهذا الغرض وضعت مديرية النقل بالولاية مخططا جديدا للنقل ساهم بشكل إيجابي في تنظيم هذا القطاع مع الشروع في إنجاز العديد من المحطات.

قطب ساحي رغم قلة مرافق الإيواء والمنشآت

إن الموقع الهام والمميز الذي تمتاز به ولاية تيسمسيلت، يجعل منها دون شك قطبا سياحيا هاما رغم قلة مرافق الإيواء والمنشآت، لكن يبقى الرهان قائما على هذا القطاع خصوصا مايسمى بالسياحة الجبلية و الحموية حيث تتوفر الولاية على ثلاث حظائر وطنية منها حظيرة المداد الشهيرة أو كما تعرف بعروس الونشريس  ويبلغ علوها حوالي 1923 متر على مستوى البحر و تقع حوالي 02 كلم من ثنية الحد و 50 كلم من مدينة تيسمسيلت وتمتاز بأشجار الأرز وبعض الحيوانات كطيور الباز و الشاهين الملكي، بالإضافة لحظيرة عين عنتر ببلدية بوقايد تتربع على مساحة تقدر ب 500 هكتار – علوها 1983 ، حيث تغطيها ثلوج شتاء ، توجد بها أنواع عديدة من الأشجار مثل البلوط ، الأرز ، الصنوبر ، الفلين و ثروة حيوانية نادرة مثل الذئاب و الثعالب وكذا منطقة سيدي سليمان الكائنة في موقع استراتيجي على علو 1230 متر ، به محطة معدنية تتدفق مياهه من أعماق الصخور مستغلة منذ 1910 م ، درجة حرارة مياهه 42°، تصلح لعلاج أمراض عديدة. هذه المواقع السياحية المتفردة والتي لا تحتاج إلا للاستغلال والتثمين لتجعل من الولاية قطبا سياحيا حقيقيا، خاصة بعد إنجاز الدليل السياحي للولاية، والذي سمح للسياح باكتشاف العمق السياحي للولاية، لكن كل هذا مرهون بالمسارعة في إتمام انجاز مرافق وهياكل الاستقبال التي تبدو ضئيلة جدا في الوقت الراهن ولا تنسجم مع الطموحات، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية التي عرفتها البلاد قبل العام 1999، وهو ماساهم في تباطؤ النمو السياحي الذي يبقى الرهان الوحيد للوصول لتنمية شاملة بالولاية وبالرغم من ما حققته هذه الولاية من إنجازات على المستوى المحلي وفي مختلف القطاعات إلا أنها تبقى في خانة الولايات الفقيرة في انتظار التفاتة جدية من قبل المسؤولين المحليين من أجل إعادة الاعتبار لولاية المنطقة التاريخية الرابعة.    

أحمد.ز  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى