مجتمع

بصمة شباب| أنامل موهوبة في صناعة المجسمات الخشبية

تعتبر صناعة المجسمات الخشبية الصغيرة والكبيرة بأشكال وألوان مختلفة بطرق فنية فن آخر لا يتقنه إلا قلة من الأشخاص و الصناعة الخشبية هي موروث قديم وعريق. وهي تنقسم إلى عدة منتجات خشبية، منها صناعة السفن العمانية. هذا ما سنتعرف عليه أكثر مع بن حميدة فتحي الشاب الموهوب الذي أطلق إبداعه بأنامله الساحرة. صحيفة “الشباب ” التقيت بالمبدع فتحي و أجرت معه هذا الحوار

الشباب : من هو الشاب فتحي؟

شاب من ولاية وهران أقطن في بلدية قديل أبلغ من العمر 42 سنة متزوج وأب لبنت تبلغ من العمر سنتين.

حدثنا عن حرفتك وفي ماذا تختص؟

أنا مختص في صناعة المجسمات الخشبية وأيضا الرسم على الجدار ، صنعت العديد من المجسمات منها الصغيرة كحمالة المفاتيح أو مجسمات لتزيين المنازل، أما المجسمات الكبيرة فقمت بصناعة تمثال لسفينة يتوسط الحي بمعية أبناء الحي ومساعدتهم المادية والمعنوية بمدخولنا الخاص، أيضا قمت بصناعة منارة أمام السفينة لتعطي جمالية ورونقا متميزا.   

متى بدأ فتحي مجال عمله ؟

البداية كانت عند هجرتي إلى أوروبا وبالتحديد اسبانيا كمهاجر غير شرعي، كانت لي بعض المعيقات مثلي مثل باقي الشباب الجزائري في بلاد الغربة، بدون مأوى ولا عمل، ولا دراسة ولا حرفة أتقوت بها، بسبب الفراغ المادي والمعنوي تعرضت لمضايقات كانت تعرقلني في كل مرة مشاجرة مع أشخاص مختلفين، بعدها دخلت إلى السجن كعقوبة لي وداخل السجل كان هناك عدة دورات تعليمية يستفيد منها السجناء، وعند اقتراحهم لي الحرفة التي ارغب في تعليمها، تعرف على هذه وأعجبتني، وأول مجسم قمت بتجسيده هي برج ايفل   ونال اعجاب الجميع.

بعد عودتك إلى أرض الوطن هل أكملت مسار اهتمامك؟

بعدما قضيت عشرة سنوات من الغربة عدت إلى أرض الوطن املك شيء بدون مال ولا أي شيء مادي، ولكن حاولت أن امارسة الهواية التي تعلمتها باسبانيا صناعة المجسمات الخشبية والرسم على الجدران، وأول مابدأت به هي حديقة كانت مهجورة وكانت في منطقة تستحق أن يعتنوا بها، فقمت بصناعة سياج  خشبي واعتنيت بأشجارها و وقمت بصناعة مجسمات خشبية لتزيينها، بعدها أعجب سكان الحي بهذه المبادرة  واقترحوا أن أصنع مجسم ليزين الحي، فجاءت فكرة السفينة بصحبة المنارة التي بجنبها، تكاثف معي الجميع ليساعدوني.

ماهي أهم الوسائل التي تعمل بها؟

أنا لا يوجد عندي وسائل لأنني لا اعمل وليس لي دخل لأشتري،  ما اعمل به من وسائل عن طريق الإعارة من شباب الحي وهو عبارة عن عربة لنقل الألواح وغيرها لتساعدني في العمل.

هل تلقى فتحي أي دعم من الجهات الوصية ؟

لا لم أجد أي التفاتة من عند المسئولين بالعكس كلما أتوجه إلى رئيس البلدية يستقبلني بالرفض مع إن نيتي العمل على تحسين المنظر الجمالي لبلدية قديل، يحكم علي فقط بالمنظر الخارجي وحتى أبناء الحي وقفوا معي وقفة رجل واحد ولكن لا حياة لمن تنادي.

ماهي العراقيل التي واجهة فتحي في هذا المسار؟

شاب جزائري عاطل عن العمل أهم مشاكلي هي البطالة وعدم الالتفاف لي مع أنو هذه الحرفة نادرة في الجزائر وستضيف الكثير للبلدية، ففي موقف يبقى لي في الذاكرة كنت عند أحد المسئولين وعند دخولي قال بهذه العبارة لصديقي ” هذا الموشم علاه جبتهلي” احتقرني وحكم علي بالمظهر فقط دون سماعي، أصبت بإحباط كبير حتى أني أهملت الحديقة التي اعتنيت بها بعد التهميش الكبير الذي طالني.

هل أهل الحي دعموك قليلا ؟

نعم بعدما أحبطت وفقدت الأمل كليا وفكرت في أن أوقف الهواية وأبحث عن قوت يومي لأني أب وأعيل أسرة وهي من مسئوليتي، جاء جيراني وأصدقائي وطبطبوا على كثفي ألا أيأس وأواصل العمل وهم ورائي فأعانوني، البعض يعرض علي أن اعمل له حديقته والأخر اعمل له تمثال ليهديه أو يزين به بيته فهذا جعلني أعود للهواية التي عشقتها وتعلمتها وأحببتها.

حدثنا عن أبرز الأعمال التي كلفك بها احد الجيران ونالت إعجابه؟

نعم هناك سيدة تقطن بجوارنا في الحي عند رؤيتها لعملي أعجب به وطلب مني أن أصنع لها حديقة بجوار منزلها وهي من محبي الطبيعة وهذه الأعمال فلبيت طلب السيدة وسعدت جدا بهذا العمل وبدت عليها الفرحة والسرور خصوصا وأنها من محبي تربية القطط فالحديقة ساعدتها لتكون مساحة خاصة تعيش فيها حيوناتها الأليفة وتزاول فيها هوايتها رسم اللوحات الفنية، هذا ما أسعدني كثيرا.

التقينا مع السيدة زهرة لتعطينا انطباعها على عمل فتحي، زرنا البيت وتحدثنا معها حول الموضوع، رحبت بنا في بيتها.

حيث قالت لنا أن ما في الأمر أنها سيدة تحب الطبيعة وتنجذب إلى المساحات الخضراء لتريح أعصابها بعد تغلغل البنايات وطمس المساحة الخضراء. و بعد رؤيتها لعمل وإبداع فتحي الذي بهرها  حقا وجدت انه شاب جاد متفاني في العمل وله صورة واضحة لما يقوم به من أعمال فنية وتحفيه مختلفة، فطلبت منه أن يصنع لها حديقة بجوار المنزل وتستغل المساحة الموجودة.  

ما هي أمنية فتحي التي يرغب فيها خصوصا في مجاله؟

أمنيتي كأي شاب جزائري يطمح أن يستغل موهبته وطموحه ويطوره، أود أن يدعموني ويفتحوا لي مشروع ليكون مزدر رزق لي وأعلم شباب آخرين ليمارسوه معي وتكون ورشة ننفع وننتفع بها.

كلمة أخيرة لفتحي من الشباب الجزائري؟

أول شيء أود أن أشكركم  على هذه الالتفاتة الطيبة من قبلكم وعلى تسليط الضوء على عملي المتواضع وأقول لكل شاب طموح ولديه هدف مهما كانت العراقيل  فلا تستسلم نجمك سوف يلمع وبصمتك سوف توضع وأترك لكم هذه الكلمات ختام لمقابلتنا.

“أردت أن أكون خلفا لجدي رحمه الذي جاهد العدو في سبيل الله ولم يتقاضى أبدا منحة المجاهد. أخرجت طاقتي بطريقتي المحبة للوطن وللبلد أردت أن أعبر عن حبي لوطني الذي أينما ذهبت فلن أجد أحن ولا أعظم ولا محتضن لي مثل حبيبتي الجزائر بحلوها ومرها فهي أمنا كلنا”.

حاورته: أمينة بوهنوش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى