مجتمع

شيعناه بقلوبنا وغسلنا روحه الطاهرة بدموعنا: طفل البئر “ريان” … استطاع أن يجمع شتات أمة بأكملها

هز ضمير الإنسانية وذّكر العالم بأطفال مثله يموتون في دول نست طعم السلام

ظل عالقا في بئر عمقها 32 وهو محاصر من كل الاتجاهات بين فراغ لا يزيد عن 30 سنتيمترا طيلة خمسة أيام يلتقط الهواء بعناء متشبثا بحبال الحياة،  الطفل “ريان” عاند الموت حتى النفس الأخير، بينما كان العالم يتضرع إلى السماء داعيا “يا الله… يا الله” أن يخرج من باطن الأرض حيًّا إلى أن أتت اللحظة التي اختلطت فيها فرحة الخروج مع صدمة الوداع …وداعا للملاك “ريان”.

حينها تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى مجالس عزاء كبيرة بعد فاجعة رحيل طفل البئر “ريان” تاركا ورائه الملايين من الرسائل والصور المؤثرة التي كانت تنتظر خروجه ليسعد والديه بحضنه، رحل هو وجمع أمة بأكملها وذكرنا أننا أمه عربية وإسلامية واحدة تربطنا لغة ودين واحد فقد أحييت إنسانية العالم وأحييت بمعاناتك وجسدك الضعيف ضمير الإنسانية وذكرتهم بأطفال يواجهون الموت مثلك ويتشبثون بالحياة في فلسطين وسوريا واليمن وغيرها من البلدان التي نسيت طعم الأمن والسلام، يحدث هذا و كأنه ليس هناك أمم متحدة واتفاقية حماية طفل تنص على أن لكل طفل الحق في الحياة، وأنه على الحكومات أن تتأكد من بقاء الطفل على قيد الحياة كي يكبر بأفضل طريقة ممكنة فأين موقع هذه الاتفاقيات على أرض الواقع. رحل “ريان” وترك ألما كبيرا في نفوسنا، جهود كبيرة للفرق الإنقاذ وآمال معلقة حبست أنفاس العالم حولك لمدة خمسة أيام، سيناريوهات عديدة لإيصال الأكسجين والماء لجسدك الصغير وعمليات حفر وتشكيل لجنة تتبع وإنقاذ لإخراجك من باطن الأرض لكن الأرض أرادت مرة أخرى أن تحتويك. حظيت قضية طفل البئر “ريان أورام” تعاطفا دوليا وعربيا واسعا خاصة بعد نشر صوره وهو يتحرك في عمق البئر الجافة وغير المغطاة التي سقط فيها في ملكية لعائلته عصر يوم الثلاثاء الماضي في قرية إغران القريبة من مدينة شفشاون بشمال المغرب، فقد احتاجت فرق الإنقاذ إلى خمسة أيام للوصول إلى الطفل لأنه كان عليهم أولا حفر شق عميق ضخم ثم نفق أفقي وقد تباطأ تقدمهم بشكل كبير بسبب طبيعة التربة، إذ أن بعض الطبقات صخرية وأخرى رملية، فقد أكملت عمليات الحفر بالأيدي ومعدات بسيطة خوفا من أية عمليات لانزلاق التربة، لكن مشيئة الله كانت.. و رحل عن عالمنا طفل استطاع أن يجمع قلوب الملايين حول العالم طفل شيعناه بقلوبنا وغسلنا روحه الطاهرة بدموعنا، فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حزنا كبيرا بعد ساعات من الترقب والدعوات له حتى اختلطت فيها دموع الفرحة لخروجه مع دموع صدمة الوداع فتدفقت حينها سيول من الرسائل بعديد اللغات وصور مؤلمة من جميع أنحاء العالم تضامنا لرحيلك يا من استطعت بصغر سنك أن تجمع شعوبا وأمما فرقها سبات الضمير الإنساني … وداعا “ريان”.

ن. بوريشة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى