القمة العربية والترشح للبريكس: أعداء الجزائر في حالة ذعر
في تتابع سريع، حققت الجزائر نجاحين دبلوماسيين مدوّيين في أيام قليلة متباعدة، خلال شهر نوفمبر المبارك، بالتزامن مع إحياء الذكرى الثامنة والستين لاندلاع الثورة المجيدة في 1 نوفمبر 1954، أي جمع رؤساء الدول العربية حول القضية الفلسطينية، بمناسبة انعقاد القمة العربية الحادية والثلاثين، ثم صياغة طلب رسمي للانضمام إلى مجموعة البريكس، كخيار استراتيجي لدولة تروج وتفرض المثل العليا لعدم الانحياز، وتتجنب إملاءات المحاور والتكتلات، لصالح عالم متعدد الأقطاب.
لم يترك هذان النجاحان الدبلوماسيان المدويان دوائر ومخابر معينة غير مبالية، التي لم تستوعب المواقف السيادية للجزائر.
إن الرسائل التي بعث بها الرئيسان الروسي والصيني المشيدة بنجاح القمة العربية، والدور الذي يمكن أن يلعبه كل العرب في الميزان الدولي، كقوة اقتصادية مهمة، أيقظت الشياطين القدامى وأعداء الدولة الوطنية، الذين سارعوا إلى شبكات التواصل الاجتماعي لنقل معلومات مضللة وخطابات وأكاذيب حول نجاح القمة العربية في الجزائر، ثم حول إعلان الطلب الرسمي لعضوية الجزائر في البريكس، الذي سرعان ما رحبت به القوتان، وهما الصين وروسيا، علما أن مجلس الشيوخ البرازيلي كان قد دعم الجزائر بالفعل في هذا المنظور خلال التصديق على اتفاقية نهاية أغسطس الماضي، وقعت في 2018 بين الجزائر وبرازيليا.
لن يتأخر انضمام الجزائر طويلاً في المستقبل، ومن المرجح أن يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه خلال رئاسة جنوب إفريقيا، العام المقبل.
وستخلف جنوب إفريقيا، الحليف والشريك الإستراتيجي للجزائر، الصين في رئاسة مجموعة البريكس، وينبغي أن تدعم انضمام الجزائر، ثاني دولة أفريقية تنضم إلى هذه المجموعة، مع إمكانات هائلة وموقع جيوستراتيجي رئيسي.
فالعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على روسيا، وبدرجة أقل الصين، ترافع لصالح الجزائر، التي ينبغي أن ترحب بعودة لولا دا سيلفا إلى تسيير الشأن العام في البرازيل.
أما بالنسبة للهند، فليس مستبعدًا بأي حال من الأحوال أن تدعم نيودلهي ترشيح الجزائر، وهو أمر مهم جدًا في نظر الهنود الذين يطمحون إلى توسيع نفوذهم في القارة الأفريقية، بالإضافة إلى دعم الجزائر لتصبح عضوًا دائمًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أنه في اليوم التالي للإعلان الرسمي عن ترشيح الجزائر لعضوية بريكس، الذي أشاد به المسؤولون الصينيون والروس، وخلال مقابلة مع نظيره الهندي سوبراهمانيام جيشانكار في 8 نوفمبر، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن الدول الأعضاء في البريكس ستناقش “معايير” و”مبادئ توسيع” المجموعة بهدف وصول دول جديدة.
في عام 2019، مثلت مجموعة البريكس أكثر من 40٪ من سكان العالم، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لبلدانها الخمس 18.6 تريليون دولار، أو حوالي 23٪ من إجمالي الناتج العالمي، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الدول الأعضاء مسؤولة عن أكثر من نصف النمو الاقتصادي العالمي خلال العقد الماضي.
وترافع الصين وروسيا إلى توسع بريكس، وتسعى إلى دعم نظام حوكمة عالمي متعدد الأقطاب بدلاً من النظام الحالي أحادي القطب والقائم على القواعد والذي تقوده الولايات المتحدة.
ولقد أوضحوا في كثير من الأحيان أن توسع دول البريكس قبل كل شيء يوفر فرصًا هائلة لأعضاء المجموعة والدول النامية.
أما في السياق الحالي لعدم الاستقرار العالمي، الذي يخلق شكوكًا متزايدة بشأن الانتعاش الاقتصادي العالمي، أظهرت الصين بلا تحفظ مساهمتها في تعزيز دول البريكس.
وعلى مدار 16 عامًا منذ إنشائها، قدمت الصين أكبر دعم مالي لبنك التنمية الوطني لدول البريكس وساهمت بشكل كبير في اتجاهات أخرى، بما في ذلك التعاون الصحي والتعليمي والاقتصادي داخل المجموعة.
وهذا هو السبب في أن دول البريكس اكتسبت اعترافًا واسعًا. ويرغب المزيد والمزيد من الدول في الانضمام إلى عضوية البريكس وبذل جهود مشتركة للتغلب على الصعوبات والتحديات، وتحقيق التنمية والازدهار المشتركين.
خلال قمة البريكس الرابعة عشرة التي عقدت بنجاح في يونيو 2022، أشار الرئيس شي جين بينغ إلى أن دول البريكس لا تجتمع في نادي مغلق أو دائرة حصرية، ولكن في عائلة كبيرة من الدعم المتبادل والشراكة من أجل التعاون المربح للجانبين.
وفي نفس القمة، توصل قادة البريكس إلى تفاهمات مشتركة مهمة بشأن توسع بريكس وأعربوا عن دعمهم لمناقشة معايير وإجراءات التوسيع.
في الختام، من الضروري التأكيد على أن الانضمام إلى البريكس سيسمح للجزائر بالتعويض عن أخطاء توقيع اتفاقية الشراكة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، والتي دخلت حيز التنفيذ في 2005، والتي أضرت إلى حد كبير بالمصالح الجزائرية. والحديث قياس.
زكرياء حبيبي