الخزينة والمخزن !
“ضربة معلم” قد يكون أفضل وصف لقرار الجزائر بتحويل خط أنابيب الغاز من المغرب إلى إسبانيا عبر خط “ميدغاز” ، لعل وعسى بالجار اللذوذ أن يهدى ويتعظ ،بعد موقفه الوضيع و تدخله السافر في الشأن الداخلي الجزائري، على خلفية تصريح أدلى به الوزير المغربي بشأن قضية القبائل، ما أسماه حسبه بــــ”حق تقرير “الشعب القبائلي”، كمن “ضرب لنا مثلا ونسي خلقه”. إذا كان نظام المخزن فعلا و”إنني لأشك في ذلك ” يريد نصحا وإرشادا بحق الشعوب في تقرير مصيرها، فالأولىّ أن يعظ نفسه، ،والأصح أن يعطي هذا الحق للشعب الصحراوي، الذي يكابد عناء الظلم والضيم تحت غطرسة وجبروت الاحتلال المغربي لقرابة عقود من الزمن،أم تعظون الخلق وتنسون أنفسكم !!
كان حريا بنظام “المخزن” ،والذي يتغنى بحقوق الإنسان وحريته من الاستعمار أن يعطيها أولا لـــ”لبوليساريو” قبل أن يشن على غيره حملة من المواعظ كل حين، ويتبجح علينا وكأنه صانع السلام العالمي .
هذه “الفزلكة” لن تنفعك بعد اليوم، فزمن البحبوحة الاقتصادية “مجانية الغاز الجزائري” قد ولى وأدبر، بسبب “دعاوي الشر ” سيفقد المخزن كل الامتيازات الممنوحة له من قبل الجزائر ،إذ كان معلوما أن “الحار” المغربي كان له استفادة عظيمة مقابل تأمين مرور الغاز الجزائري عبر أراضيه ،كحقوق العبور و كميات معتبرة من الغاز تحقق له اكتفاءا ذاتيا من هذه المادة الطاقوية ،فكان كاللئيم”ياكل في الغلة ويسب في الملة”.
غير أن تخلي الجزائر بعد قراراها باستبدال خط أنبوب المغرب إلى خط أنبوب بني صاف-ألميريا الاسبانية، بغية توريد الغاز الجزائري نحو السوق الأوروبية سيكلف الخزينة المغربية الثمن غاليا ،إذ سترهق اقتصاد المخزن بفاتورة باهظة ، و سيكون ملزما بشراء الغاز من الخارج بأسعار مرتفعة . الجزائر بدبلوماسيتها “الداهية” لجأت للورقة الاقتصادية الرابحة لتأديب الجار المغربي “المشاكس” ، الذي يأبى أن يدع الجزائر وشأنها، بسبب ما يكنه لها من حقد دفين لا ينتهي، ،فلا يفوت مناسبة إلا ليهجم عليها ضمن ” بهلوانيات المخزن” ،ولا يكف عن نكشها كل حين وآخر ،وكأن له “عقدة” إسمها الجزائر، أدخلته في متاهة الصراع المزمن.
حورية أحمد