رأي

الإعلام والإتصال.. مرتكزات التكوين الميداني بالجامعة

يحيل التكوين الجامعي لطلبة “الإعلام والإتصال” الفاعل المؤطر عبر الاداء إلى مقاربات عمل واشتغال أكثر دينامكية وفعالية خارج ما يقدمه الرصيد المعرفي الأكاديمي لطلبة “التخصص”، فما يحمله المضمون المحيّن والمحكم في بطاقية “المقاييس” يحتاج هو الآخر لفضاءات أخرى مكلمة للمادة المدرسة خاصة عندما يتعلق الأمر بتخصصات “السمعي البصري” “الصحافة المكتوبة” “الصحافة الإلكترونية”، وهي الفضاءات التكوينية داخل “الجامعة” تحتاج هي الأخرى “للمؤطر المهني” المتمرس في فنيات العمل الإعلامي عبر مختلف أشكاله التقليدية والحديثة، وقد لايكون بالضرورة الأستاذ الباحث المثبت في منصبه بالجامعة المؤطر الوحيد للتخصص، بل إن الاستعانة ضمن رؤية تكوين شاملة ومتكاملة بالمهنيين في هذا التخصص مما يملكون مسارا مهنيا قابلا للقياس أراه أولوية ومن متطلبات التكوين الجامعي في علوم الإتصال والإعلام.

إن التكوين الجامعي في تخصصات “علوم الإتصال والإعلام” يقتضي مزاوجة التكوين النظري الهام مع التأطير المهني النوعي لهذا التكوين وضمن سياقات ممنهجة تضع فيها كليات الإعلام وأقسامها الأهداف المشنودة من التكوين المهني، إذ يستفيد الطالب ضمن هذا السياق من رصيد الخلفيات النظرية ومقارباتها الأكثر اقترابا من العلوم الإجتماعية الأخرى، ومن رصيد الممارسة المهنية الذي يبقى الثابث والأساسي في مسار تاطير “المهن” والالتحاق بها كمهني محترف.

وباعتبار أن التكوين في مهن الإتصال والإعلام يفرض هذا الطرح الاستراتيجي الفعّال والهام الذي يدفع بطلبة التخصص ولوج حقل الصحافة والإتصال برصيد جامعي متوازن ومتكامل، فإن إنشاء “الاستديوهات” وقاعات “التحرير الصحفي” وحتى فضاءات على شاكلة الإذاعة الجامعية يعتبر من مرتكزات التكوين الممارساتي الجامعي لتخصصات “الإعلام والإتصال” المتعددة والتي يحتاج فيها كل تخصص لفضاء تكوين مكيف يوفر تأطيرا ممارستيا للمقياس المدرس.

ولعل الدور العملي الهام الذي يمكن أن تؤديه هذه الفضاءات التكوينية داخل الجامعة الموجهة خصيصا لطلبة هذا التخصص، يفتح آفاقا واسعة مهنية للطلبة للتواصل مع خبرات وكفاءات إعلامية مهنية سواءا عبر التأطير والتعامل مع أقسام وكليات الإعلام أو دخول المؤسسات الإعلامية وممارسة النشاط الإعلامي بتدرج وثقافة اكتساب للخبرة التي تطلب في غالبية مسابقات ومقابلات التوظيف لدى المؤسسات الإعلامية.

إن الاهتمام بمقاربة التكوين الميداني الممارستي في تخصصات “الإتصال والإعلام” عبر مختلف كليات الإعلام والإتصال بالجامعة يعزز من كفاءة وجودة التعليم العالي في هذا التخصص ويكمل بكفاءة ومهنية رصيد التكوين النظري الذي يتلقاه الطالب على مدار سنوات الدراسة والتكوين، وعليه فإن تخصيص حيز زمني معقول اعتباراته موضوعية في التربصات الميدانية لطلبة التخصص يبقى هاما لتعزيز المسار التكويني الميداني فلا يمكن أن يتلقى طالب “الإعلام والإتصال” تكوينا مهنيا في أسبوع أو أسبوعين بل إن الفترة الكافية زمنيا ليكمل التكوين الممارستي رصيد الطالب المعرفي الجامعي قد يتجاوز السنتين لا توزع فيها الأعباء فقط على الأساتذة المدرسين للتخصص بل تقتضي المقاربة والرؤية التكوينية بما تحمله من أهداف توظيف مهنيين عن طريق التعاقد لضمان تأطير في مقاييس مهنية بالدرجة الأولى.

بقلم د.محمد مروان.. أستاذ جامعي في الإعلام والإتصال

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى