رأي

من يقرأ عيوني يا عيوني؟

كانت لحظة رعب أفقدتني توازني، أحسست لأول مرة ان العالم موحش بدون عينيك الجميلتين، من يقرأ عيونك بعد اليوم يا امي، بل من يقرأ عيوني انا، حين انجح وأفرح لمن اهدى تلك الاماني ولبسي الجديد، من يقرأ عيوني انا حين اتعب وأغضب وأتألم ولا اتكلم، تسمع صوتي من بعيد فتحدثني اني لست بخير، أأمي تعلم الغيب؟ “استغفر الله” ولكنها كيف عرفت؟ تقول “الكبدة”.. تكلمني فجأة وأنا على سرير المستشفى متجها لقاعة العناية، اكذب عليها: لا شيء انا في العمل امي، كم انا كذااااب يا امي سامحيني، تعلمت الكذب منك فقط حتى اكون جلدا فيطمئن الأقرباء ويصمت الغرباء منهم والاعداء.

تعاني امي في صمت، وإن سألناها يوما تجيب: انا بخير، انا بخير، كذبك مؤلم، ولكن كان يواسيني لعلها بخير. أحسست بالخذلان وانسابت أدمعي كبركان ثار يبحث عن اودية.

تذكرت ذلك اليوم المشؤوم، حين بدأ جسمها ينحل منتصف “التسعينات” عائد من الجامعة في عطلة الربيع، ادخل عتبة الباب فلم أجدها، في البيت أنظر: هذه امي كأنها هي او يخيل لي، عيناها جاحظتان، انفاسها باهتة ووجهها ينتحل المقاومة، على عجل يقول الطبيب “الملعون” تحتاج “فيتامينات” فقط، احضرت شيئا من اللحوم وكثيرا من السكريات وقليلا من ادوية الحكيم “المعلون ثانية” كان ذاك الطبيب عجوزا يصطف عنده بابه الكثير، خريج المدرسة السوفياتية كما كتب على واجهة بابه، ولكن كان تشخيصه كتشخيص افكار ماركس اتحاد من ورق.

غيرت العيادة بعيدا.. يقول التقرير الجديد امك مريضة بـ…

بقلم:د/ ساعد ساعد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى