رأي

“المجتمع التراحمي “

هي من أبرز أطروحات الدكتور عبد الله المسيري الفكرية حول “المجتمع التراحمي” التي حاول إسقاطها على حياته ابتداءً من نشأته في مصر إلى انتقاله إلى أمريكا لإكمال الدراسة ، حيث قادتني القراءة والاطلاع على صفحات من حياته الى اهمية العطف والرحمة بين الناس  ، ليس في ذروة الازمة التي نعيشها بل في الحالة العادية ، لان هذا الفعل مدعاة للتغير والايجابية ، بعيدا عن “العلاقات على أساس تعاقدي ومصلحي ” كما يذكره المسيري

حيث يذكر وهو من هو وفي جعبته اكثر من خمسين كتاب باللغة العربية وسبع كتب باللغة الانجليزية  ناهيك عن عشرات البحوث والدراسات التي تعتمد اليوم كمراجع للكثير من الاطاريح والرسائل اهمها موسوعته عن اليهود وغيرها ، حيث يقول :

“كنت لا أنجح في الدّراسة إلا في الدور الثاني، حيث رسبت في الصف الرابع الابتدائي، والصف الأول الثانوي، و عاودتُ الرُّسوب في الصف الثاني الثانوي، فأعدت السنة. حتى وصلت للمرحلة الثانوية، حينما توجّه إليّ أستاذ التاريخ وبدون مقدمات قائلًا : “أنت عبقري” ‏فتغيّرت حياتي منذ ذلك اليوم. مع أنّي لا أدري هل اكتشفني فعلاً أم أنّه كان من باب التشجيع وأنا صدّقته، والمهم أنّ النتيجة واحدة، فقد تغيّرت حياتي منذ سماعي لتلك الكلمة” حيث حصل على ليسانس آداب- أدب إنجليزي- جامعة الإسكندرية (1959 م). الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك عام 1964، وعلى الدكتوراه من جامعة رتجرز بنيوجيرزي عام 1969.وشغل عدن مناصب علمية دولية وعربية .

وبتجربتي البسيطة في مجال التعليم الجامعي الدفع بالإيجابية لها تاثير عجيب ، فقد وفقني الله ان درست بعدة جامعات جزائرية وخليجية ، وفي مرة من المرات ، احيل عندي احد الافواج وعلمت ان فيه مشاغبين ودائما تحدث فيه الفوضى ومن اسماء معينة حوالي سبعة طلاب ، وكانت اول حصة معهم ، حاولت ان افتح نقاش عام معهم حول المقياس وفي سؤال عام وجهته للجميع وطلبت مباشرة الاجابة من هؤلاء المشاغبين ، كانت اجابة الاولى قريبة فشكرته واثنيت عليه وقت له ممتاز ، والثاني اقترب من الاجابة فقلت رائع واصل وهكذا دواليك حتى مررت عليهم كلهم سبعة طلاب ، فوالله من تلكم الحصة وهم على قدم وساق للمشاركة والحضور والالتزام ، ولم ارى بعدها منهم ما يقلق او يثير الفوضى والغضب ، حتى زملائهم تفاجؤوا من التغير . وبعضهم ” كبير المشاغبين ” اضحى يتواصل معي خارج حجرة الدرس يسال عن السؤال الفلاني والاشكالية الاخرى ويطيل السؤال والبحث سبحان الله . وتشجعت ان التقي بالبقية خارج الجامعة فوجدت في احوالهم ظروف عائلية قاسية ، وبعضهم يتحدى ويشتغل خارج الجامعة

فما احوجنا الى تغير نمط التدريس والتعامل مع الطلاب والدفع دائما بالتي هي احسن ، فربما يكون من هؤلاء من هو في مقام الباحث والدكتور عبد الله المسيري رحمه الله.

الدكتور ساعد ساعد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى