في ساحة الحرم غاب البيت العتيق
فلما انتهى من ابعاد التمائم بصعوبة بالغة ، اصيب بدوار ، وفقد الرؤويا ، بل اضحى نظره لا يتجاوز قدميه ، لا يكاد يفرق بين الواقع والخيال الذي كان فيه ، يصدر اصوات غريبة عجيبة ، حتى فر الخدم و مريديه ممن كانوا حوله ، وكلما حاول النوم سمع صراخا وعويلا ينبعث من جدار بيته الجميل .
ولما كان الصباح وصلت السيارة وصاحبنا البناء يقاوم الهذيان ويحاول السيطرة على عقله ، مكررا كلمات غامضة على كل من سمع وحضر ، حتى انه ركب الطائرة بدون نعاله او ربما تركها لما دخل الحمام حين كان يريد الوضوء ، ان توضأ اصلا ، ولما حطت الطائرة على مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة ، كان صديقنا البناء في عالم اخر …اساله هل مات ؟
لا يا صديقي ، دخل في دوار وفقد تركيزه في لحظة خاطفة ، وبدا يصرخ بأعالي صوته ، فمرة يبكي ومرة يضحك ، ومرة يدخل في نوبة صرع كانه ملك الموت ينازعه.
هدأ من روعه طبيب مرافق في حملة الحج ، واعطاه مهدا حتى نام في اقرب فندق لساحة الحرم ، فلما قام عرضه على كل طبيب يعرفه من اهل الاختصاص ، فلم يشخصوا شيئا ، البناء في صحة جيدة وكل شيء تمام ، ولكن الصدمة الكبيرة كانت حين نزل ساحة الحرم ، يبحث عن البيت العتيق ، فلم يكد يراه ، حاول مرة ، مرتين ثلاث ، بدون جدوى ، اهتدى لسؤال المشرف ، اريد رؤية الكعبة ، قال هي امامك انظر ، ولكنه لم يراها ، اعاد التفكير …ربما نحن في المدينة وليس في مكة ، فيسال من جديد بالله عليك اخي قربني للحائط اليماني من الكعبة ، فلما هم مرافقه الى مساعدته تورمت رجلاه ويداها ، وحاول اخرون يجرانه جرا نحو الكعبة ، ولكن كأنهم يدفعون ثورا هائج يزن الف طن وطن ، كل المحاولات باءت بالفشل ، حتى ان القوم من المرافقين تهامسوا لقد فعل في حياته شرا ، كيف لا يرى الكعبة امامه ، ولا يستطيع الاقتراب منها ، فيما دموع الزائرين من الحجاج تملأ المكان….يتبع
د/ ساعد ساعد