اللهم احشرني مع صاحب النقب
تحدثنا امس عن الشهوة الخفية، وكيف أن الصدقة قد تحمل في ثناياه هواجس النفس والشيطان حتى في قمة العطاء ، فدائما كنت اقول ان الاعلام الخيري حساس جدا، ولأهمية العمل لوجه الله اورد هذه القصة التي وردت في الاثر على هذا النحو
كان مَسلمة بن عبد الملك على رأس جيش للمسلمين يحاصرون قلعة عظيمه للروم، ولكن القلعه استعصت على جيش المسلمين لارتفاع أســــوارها ولإغلاق جميع المنافذ اليها، الأمر الذي رجح كفة جنود الروم، فأخــــذوا يقذفون جيش المسلمين من أعلاها فازداد تعب وإنهاك جنود المسلمين.
وفي الليل قام أحـــــد جنود المسلمين بفكرة مستحيلة، اذ أنه تخفى بمفرده إلى أن وصل باب القلعة وظل ينقب فيه وينقب حتى استطاع أن يُحدث به نقبًا ثم رجع دون أن يُخبر أحدًا.
وعند الغد تأهب المسلمون للقتال كعادتهم، فدخل هذا البطل من النقب وقام بفتح الباب فتدافع المسلمون وتسلقوا أسـوار القلعة وما هي إلا لحظات حتى سمـع الروم أصوات تكبيرات المسلمين على أسوار قلعتهم وداخل ساحتها فتحقق لهم النصر .
وبعد المعركة جمع القائد مسلمة بن عبـد الملك الجيش، ونادى بأعلى صوته: مَن أحدث النقب في باب القلعة فليخرج لنُكافئه
فلم يخرج أحد !
فعاد وقال مرةً اخرى، من أحدث النقب في الباب فليخرج.
فلم يخرج أحد !
ثم وقف من الغد وأعاد ماقاله بالأمس
فلم يخرج أحد !
وفي اليوم الثالث، وقف وقال: أقسمتُ على من أحدث النقب
أن يأتيني أي وقت يشـــاء من ليل او نهار ، وعند حلول الليل والقائد يجلس في خيمته، دخل عليه رجلٌ ملثم
فقال مَسلمة: هل أنت صاحب النقب؟
فقال الرجل: إنَّ صــاحب النقب يريد أن يبّر قسم أميره ولكن
لدية ثلاثة شروط حتى يُلبي الطلب.
فقال مَسلمة : وماهي؟
قال الرجل : أن لا تسأل عن اسمه، ولا أن يكشف عن وجهــــه
ولا أن تأمر له بعطاء.
فقال مَسلمة: له ما طلب.
عندها قال الرجل : أنا صــــــــاحب النقب، ثم عاد من أدراجه
مُسرعًا واختفى بين خيام الجيش!
فوقف مَسلمة والدموع تملأ عينيه فقال :” من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنـهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا “
فكان مَسلمة بعد ذلك يقول في سجوده : اللهم احشُرني مع صاحب النقب .. اللهم احشُرني مع صاحب النقب.
بقلم الدكتور ساعد ساعد