قوّة أنثى
كتبت امس من هذه الزاوية في حكايا المشهداني قصة “غرائب اخبار النساء ” مما يروى عن حداثة عن دهاء النساء جرت وقائعها عند القاضي ابن أبي ليلى في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور، فأرسلت الاخت الفاضلة الاستاذة رحيمه كانون التي وصفتها بـ الأديبة والمترجمة فكتبت :
أخبرتني إحداهن يوما أنني إمراه قويّه …. قالت بالحرف الواحد : أرى فيك حقاًّ تلك المرأة الحديدية …. و الصراحة لم أكن أعي معنى ذلك … لا أنكر أن كلماتها راقت … لكن سرعان ما ابتسمت و مضيت….
كانت فكره القوة والحديد آنذاك مرتبطة عندي بالقسوة والجفاء…. فلم أعر للأمر أهمية
أمّا اليوم فأنا أقف وقفه إجلال و إحترام لتلك الأنثى القوية التي بداخلي…. بعدما انقشع الضباب على كلمه ” القوة ” بعقلي… و تساءلت:
أليست القوة هي الإيمان بالله ؟؟ … أليست القوة هي النهوض بعد التعثّر ايمانا بانطلاقة جديدة؟؟… أليست القوة هي الصمود أمام ضغوطات الحياة ؟؟.
و أدركت أن القوة تكمن في الحضور و الحكمة و العزم و الصّمود … القوة اتقان للتجاهل و اللامبالاة أثناء تسلّق الأهداف…. القوة هي الرضا بما قسم الله …. و السعي الدائم نحو الاستقامة…. لا بل القوة هي التذلّل و البكاء بين يدي الخالق ثم رفع الرأس شامخا أمام الحياة … القوة هي القدرة على طيّ صفحات الماضي و بناء سرح جميل من هفوات السنين…. القوة هي تقدير للذات ثم الاستمتاع بكل ما هو جميل كنسمة صبح معطّر بذكر الله …. يخطف من الشّمسِ ضياء ينير به الآمال … يتسلّل بعمق إلى الروح و الوجدان فيزيد الأنثى قوةً و اطمئنان …
القوة نظرة فخر من والديكِ حتّى و إن لم يخبروك بذلك….
القوة أن تتعثّري فتسقط فتنهضي فتتعثّري مرة أخرى فتأبى الاستسلام و تصمدين إلا أن تقفي مرّة أخرى لكن بشموخ و إعتزاز…
وأدركت أنّ كلّ ما في الأمر.. أن العقل يحصد ما تزرعه من أفكار و تسقيها من دون وعي … لا بل ترويها بمفاهيم مغلوطة أو تراكيب هدّامة أو حتّى بيئة داعمة لضعف الأنثى.
و أسقطت أخيرا كلّ هاتهِ المفاهيم على ذاتي و فتشت بداخلي فأدركت أني قوية و حتّى في ذبولي احاول دائماً أن أُزهر….
لكلّ أنثى شعرت يوما بالضعف أسقط تلك المفاهيم على نفسك و أدركي عزيزتي مدى قوتك