على طاولة مقهى طنطفيل
قلت والله يا مشهداني ان حديثك عجب عجاب مما اسمع ، توادعنا على امل اللقاء ، اخذته بسيارتي الى بيته المتواضع ، فلما تحركنا قال : وانت يا دكتور لما لا تحدثني عن قصص من عندك ، قلت وفيما تريد ان احدثك ، قال بشرط قصة لها علاقة بالخبز والخبز فقط ، فحدثته عن قصة وقعت نهاية التسعينات، حيث اعتزل احدهم العمل الصحفي في مؤسسة عمومية عريقة براقة قشيبة ايام الحزب الواحد ، وحين تعددت الاحزاب وماشابه من الجمعيات وانتفض الشارع ، تقاعد وطلق الرجل الصحافة ، وفتح لها مخبزة في صحراء الجزائر العتيقة ، حيث مسقط الرأس ، مما جادت به المؤسسة من تعويض نهاية الخدمة ، ولكنه على ثقله في القول والفعل والحركة ، فشل مشروعه بعد سنوات من الجهد وتغير المهن ، فرجع للعاصمة مندفعا يفكر للعودة للأصل ، حيث كانت المرابع يلهو فيها لوحده او رفقة بقية الصبية في دكان الصحافة ، اعتذر مديرها العام بلكنة عسكرية قادمة من الشرق ، المؤسسة لا توظف قدماء الثوار ، نحن نتبدد عفو نتجدد ، وذهب يهيم في شوارع العاصمة ، وكلما مر على مخبزة لمحها من بعيد دون شعور منه ، وبينما هو على طاولة مقهى طنطفيل لمح صديق قديم يؤجر شقة في فنادقها القديمة يتسكع مثله ، دار حديث سريع بينهما ، كيف الحل للعودة ” لطيابات الحمام ” كما قال الرئيس ، كل الاعتمادات للصحف متوقفة ، فما الحل يا صديقي ، فلولا ان اخاف زوجتي تعرف لعاقرت المدام الان ، فتذكر صديقه المتسكع ، وقال : الحل موجود نشترك مع ال فلان في مشروع جديد ، لعل منه يشع الغروب ؟ ، قاطعني المشهداني ، اين الخبز هنا في قصتك يا دكتور ، قلت لا تستعجل ، اليس السعي للعودة لدكان الصحافة جري وراء الخبزة ، قال بلى ، قلت على مهلك يا مشهداني ، فالرجل اصبح بمشروعه الجديد ، مع ال فلان مديرا للتحرير ، وقدر الله لي ان اشتغل معه ، فكنا حين نكتب حول تربية الدجاج في اسواق الحراش ، يقول الموضوع بارد ، ضعه في الفرن قليلا ، وحين نتحدث عن الاخبار الامنية وشيئا عن السياسة ، رد على عجل ، هذا موضوع حار ، لم تعجنه جيدا ، اتركه يبرد ويختمر قليلا ، كان صاحبنا يحدثنا في قاعات التحرير عن الموضوع بنكهة العجين ومشروع مخبزته الفاشل في الصحراء .
الدكتور ساعد ساعد