….جهل مركب !!
التعاطي الإعلامي المبالغ فيه إزاء قضية الطفل المغربي ريان، يصيبني مجددا بالإحباط من حال الشعوب العربية التي ستسوقها عواطفها إلى الهلاك.
فبغض النظر على أنها قضية إنسانية يعتصر لها الفؤاد حزنا وألما، غير أن النظر للقضية من زاوية أخرى يطرح لنا العديد من الاستفهام الممزوج بالشك والاستغراب.
في اعتقادي أن الاستغلال المُسَيس لقضية إنسانية هو محض ملهاة كلاسيكية بيد الساسة في سبيل الوصول إلى مرادهم ،هي خديعة معهودة تستغفل الشعوب لحاجة في نفس يعقوب.
فالتضخيم الإعلامي المريب في قضية ريان كشف عن كواليس الوفاق الذي يجمع اللوبي الإسرائيلي المسيطر على منافذ الإعلام العربي بصناع القرار في نظام المخزن، الذي أعياه ثقل خسارة الجار الطيب الذي أغدق عليه لسنون بخيرات الدار .
إذ كان غير ذلك ،فلماذا لم نشهد هذا التضخيم الإعلامي اتجاه أطفال سوريا الذين ماتوا من صقيع البرد ؟لماذا لم نر هذا القدر من الاهتمام لأطفال مخيمات اللاجئين التي احتارت أجسادهم بأي شكل تموت، تفحما و حرقا بالقنابل أم تجمدا وبردا في العراء ؟ أما كان بمقدور دفئ عواطف الشعوب العربية أن تذيب الجليد الملتف على الأنامل البريئة لأطفال سوريا ؟؟
فلتعلم يا صديقي أن هذه القضايا لا تحدث جزافا ولا عبثا ،بل كل شيء في عالمك التعيس مخطط له ومدروس، لخدمة مصالح هؤلاء وهؤلاء،يعبثون بعواطفكم لتنفيذ مصالحهم .وكالعادة شعوب الغفلة مصابة بجهل مركب يحول دون تفطنها لحيلة وخديعة الساسة وألاعيبهم التي لا تنتهي.
غير أن المضحك المبكي في الأمر ،أن حال العرب يشبه إلى حد كبير حال هلاك الطفل ريان-رحمه الله- في البئر العميق ، فهي أيضا غرقت وتاهت في غياهب الغفلة والجهل .
لكن الفارق الوحيد أن ريان استطاع الخروج من البئر، ولو بعد فوات الأوان، حتى ولو بعد أن فارقت الروح الجسد،غير أن العرب لازالت تقبع في بئر غفلتها وخيبتها حتى صدق فيها قول “الريح الي يجي يديهم”.
حورية احمد