دعاء أبو المكنون النحوي وقصة مالك بن دينار في الاستسقاء
اضحت شبكات التواصل الاجتماعي مرتعا لمن هب ودب يصدر الفتاوي دون تحقيق او تمحيص ، ولا في أي سياق قيلت وهل هي موجة للعامة او تدخل في فقه الخصوص ..وغيرها ، مع صلاة الاستسقاء التي صليت امس تهاطلت قبلها الكثير من القراءة والتحاليل ، بين من يعتبر ان هذا امكر طبيعي وبين من يربطه بالمعاصي التي حلت في الارض ، فيرد الاخر وما بال سويسرا كفار والمطر يتساقط ، فتذكرت قصة ذكرها الإمام ابن الجوزي في كتابه ” صفة الصفوة ” عن مالك بن دينار
حيث يقول : ” دخلت البصرة يومًا، فوجدت الناس قد اجتمعوا في المسجد الكبير، يدعون الله من صلاة الظهر إلى صلاة العشاء، لم يغادروا المسجد، فقلت لهم: ما بالكم؟ فقالوا: أمسكت السماء ماءها، وجفت الأنهار، ونحن ندعو الله أن يسقينا، فدخلت معهم. يصلون الظهر، ويدعون، والعصر ويدعون، والمغرب ويدعون، والعشاء ويدعون.. ولا تمطر السماء قطرة.. فخرجوا ولم يستجب لهم ثم ذهب كل منهم إلى داره، وقعدت في المسجد، ولا دار لي، فدخل رجل أسود، أفطس، أي: صغير الأنف، (أبجر) أي: كبير البطن، عليه خرقتان، ستر عورته بواحدة، وجعل الأخرى على عاتقه من شدة فقره، فصلى ركعتين، ولم يطل، ثم التفت يمينًا ويسارًا ليرى أحدًا، فلم يرني، فرفع يديه إلى القبلة وقال: إلهي وسيدي ومولاي، حبست القطر عن بلادك، لتؤدب عبادك، فأسالك يا حليماً ذا أناة، يا من لا يعرف خلقه منه إلا الجودان، تسقيهم الساعة الساعة الساعة، يقول مالك: فما أن وضع يديه، إلا وقد أظلمت السماء، وجاءت السحب من كل مكان، فأمطرت كأفواه القِرب! يقول مالك: فعجبت من الرجل، فخرج من المسجد فتبعته، فظل يسير بين الأزقة والدروب حتى دخل داراً، فما وجدت شيئًا أعلّم به الدار، إلا من طين الأرض، فأخذت منها، وجعلت على الباب علامة، فلما طلعت الشمس، تتبعت الطرق حتى وصلت إلى العلامة، فإذا هو بيت نخّاس يبيع العبيد، فقلت: يا هذا، إني أريد أن أشتري من عندك عبدًا، فأراني الطويل والقصير والوجيه، فقلت: لا لا، أما عندك غير هؤلاء؟ فقال النخاس: ما عندي غير هؤلاء للبيع. يقول مالك: وأنا خارج من البيت، وقد أيست، رأيت كوخًا من خشب بجوار الباب، فقلت: هل في هذا الكوخ من أحد؟ فقال النخاس: من فيه لا يصلح.. أنت تريد أن تشتري عبدًا، ومن في هذا الكوخ لا يصلح، فقلت: أراه ..!! فأخرجه لي، فلما رأيته عرفته…الى اخر القصة ، فنسال الله ان يسقينا رحمة بالصغار والشيوخ الكبار ، ولعل في دعاء أبا المكنون النحوي المذكور في كتاب العقد الفريد لمؤلفه لأندلسي ما يثير الاعجاب حيث قال ” اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريثا مريعا مجلجلا مسحنفرا ( أي كثيرا)هزجا، سحا(يعني هطولا) سفوحا، طبقا غدقا(يعني عامّاً واسعاً) مثعنجرا نافعا (السحاب الممتلئ) لعامتنا وغير ضار لخاصتنا. فلما سمعه اعربيا قال : يا خليفة نوح، هذا الطوفان ورب الكعبة، دعني حتى آوي إلى جبل يعصمني من الماء.